بتاريخ 9 مايو 2011م نشرت جريدة اليوم مقالا بعنوان (خلاص الأحساء وسكري القصيم وبورصة الرياض)، ورغم أن المقال كان فيه نوع من المقارنة بين نوعين من التمور في المملكة إلا أن المقال كان هدفه التركيز على أهمية تسويق التمور حسب معايير كثيرة. والنخلة في المملكة لها طابع مميز فيما يخص العلاقة بين ثمارها وأبناء هذا الوطن منذ قديم الزمن. ومثال على ذلك فقد كان ثمر النخيل من التمور يمثل أهم عوامل الأمن الغذائي خاصة في الأوقات التي كانت تمر فيها البلاد وأرض الجزيرة بفترات طويلة من الجفاف وشح الأمطار. وكان ما يتم تخزينه من التمر بعد موسم ما يسمى (الصرام) هو غذاء مواز للوجبات الأساسية للكثير. ولا يزال الكثير يذكر أن قطار البضائع بين الأحساء والرياض قبل عدة عقود كان أهم شحنة يتم نقلها هي التمر في عربة خاصة كان يطلق عليها (ريل التمر). وإلى وقت قريب في الأحساء كان هناك ما يسمى (بالجصة) وهي مستودع للتمر داخل الكثير من البيوت وهي بمثابة مخزن الغذاء فيما يخص الحاجة للسعرات الحرارية. وكانت الجصة أيضًا مكانًا لاستخراج الدبس واستخدامه في أشياء كثيرة مغذية ويستخدم للعلاج لبعض العوارض الصحية نظرًا لما يحتويه من مواد مساعدة للمناعة الصحية. ويستخدم الدبس أيضًا لبعض الطبخات المنزلية مثل ما يسمى (الرز المحمر) أو الاستخدام في أيام رمضان حين يتم خلطه مع اللقيمات. وفي الوقت الحالي ومع توفر اساليب الحفر واستخراج المياه في المملكة فقد زادت كميات ما يتم إنتاجه من التمور في الكثير من مناطق المملكة بعكس الماضي حين كان إنتاج التمر متركزًا في مناطق محددة بها وفرة مياه طبيعية قبل انتشار حفر الآبار. ولكن هذا لم يأتِِ بدون ضريبة. ففي الماضي لم يكن المزارع يعرف سوسة النخيل التي انتقلت لبعض المناطق عندما تمت عمليات نقل النخيل من منطقة إلى أخرى. وفي الوقت الحالي ومع تطور التكنولوجيا فمن الممكن أن تتم الاستفادة أكثر من الصناعات التحويلية التي من الممكن ان يتم عبر الاستفادة من كل ما تحتويه النخيل سواء من ثمر أو مواد مفيدة كالسعف وغيره. وحيث إن الحديث عن النخلة في مجتمعنا يكون ذا شجون فالأولوية الآن هي العناية بالنخلة والاهتمام بمحيطها وضرورة التوعية حيال رمي أي نفايات في محيط النخل؛ لأن ذلك لايؤثر فقط على الثمر بل يؤثر على أي منتج آخر من الممكن الاستفادة منه. فمنذ زمن والنخلة ليست تمرًا ورطبًا بل كانت أحد أهم روافد المواد المستخدمة لبناء البيوت. فقد كانت جذوع النخل والسعف من العناصر الرئيسة في بناء البيوت أو في صناعة الأواني المنزلية مثل السفر أو أقفاص وغيرها. وهذه من الأمور التي من الممكن إعادة الاستفادة منها كجزء من التراث. أما فيما يخص التسويق فأنا أستغرب دائمًا لماذا لا نرى تمور الأحساء وخاصة الخلاص وهو الأجود على مستوى العالم من ناحية الطعم أو القيمة الغذائية المتوازنة في المناسبات الرسمية أو في الدوائر والشركات الحكومية كالسفارات والطائرات والفنادق؟ ولا أعرف هل السبب يرجع لسوء التسويق من مزارعي الأحساء؟ أم هناك أسباب أخرى مثل كون كميات كبيرة من الأكثر جودة يتم توزيعها من قبل كبار منتجي التمور على الأقارب والأصدقاء؟