تعتبر محنة لاجئي الروهينغا المسلمين، الذين يهيمون على وجوههم دون مساعدة في بحر أندامان، محنة مروعة، ويتعين تخفيفها. إذ يتوجب الضغط على الحكومات التايلاندية والماليزية والإندونيسية للقيام بواجبها الإنساني تجاه أولئك الناس التعساء. غير أن تلك الحكومات على حق أيضاً حينما تقول إنه لا يمكن التوقع منها تحمل عبء اللاجئين بمفردها، وأن المشكلة لا بد أن تسوء ما لم تعالج الأسباب الجذرية، المتمثلة بحالة نضال الروهينغا في بورما، والوجود الذي لا يرحم للمتاجرة بالبشر في المنطقة، وهي أمور لا تتم معالجتها بطريقة حازمة. وتتعرض ولاية راخين التي يقدم منها الروهينغا لضربات بصورة منتظمة، وتمثل هذه الولاية إحدى المناطق التي تعايش فيها المسلمون والبوذيون بشكل غير مستقر للغاية، ولعدة عقود. ولدى الجانبين روايات متناقضة عن تلك العلاقة الشائكة. تفيد إحدى الروايات أن أقلية الروهينغا، من الناحية الفعلية، عبارة عن مهاجرين من بنغلاديش، أو ما أصبحت لاحقا بنغلاديش، وقد ازدادت أعدادهم وتحولوا من أقلية صغيرة لغالبية في بعض أرجاء بورما، وتم تعزيزهم بصورة ثابتة، من قبل القادمين الجدد، غير الشرعيين، من بنغلاديش. وبدأوا يسمون الروهينغا، وهي هوية تم اختراعها في الآونة الأخيرة، ولم يسبق لها أبداً تبني وجهة النظر هذه، وهي الولاء المخلص لبورما، والرغبة في فترة ما بعد الاستقلال في عام 1947 في أن تكون جزءاً من باكستان، أو أن يكون لها دولة خاصة بها، والسعي بعد ذلك للحكم الذاتي المطلق. لذلك، فإن خطة إعادة التوطين التي تم وضعها حيز التنفيذ من قبل حكومة يانجون تعتبر عادلة، لأنها ستسمح للروهينغا الذين يستطيعون إثبات عيش عائلاتهم في بورما لمدة 60 عاماً أو أكثر، بأن يصبحوا مواطنين بالتجنيس، في حين أن أولئك الذين لا يستطيعون إثبات ذلك سيواجهون الترحيل. أما في إطار ما يقوله الروهينغا، فهم أحفاد المسلمين الذين قدموا لذلك الجزء من بورما منذ مدة طويلة، وربما من التجار الفرس والعرب، وهم ليسوا من البنغال، على الرغم من حقيقة أنهم يتحدثون البنغالية أساساً، وقد تم حرمانهم أخيرا، من الحصول على الجنسية البورمية الكاملة، والحق في التصويت. وبصورة جلية، تعد خطة إعادة التوطين غير عملية، وغير عادلة، وقبل كل شيء، قاسية، وقد أدت بالفعل إلى نزوح مئات الآلاف داخل البلاد وخارجها، وبصورة رئيسة لبنغلاديش. من المفارقات المحزنة أن الإضفاء الجزئي للطابع الليبرالي لبورما خلال السنوات الأخيرة قد أذن بظهور كل من القوى الديمقراطية الحقيقية، والشوفينية الشعبية، ولا سيما الشوفينية المعادية للمسلمين، وذلك داخل الأغلبية البوذية التي تقوض تلك القوى. لذلك يجب أن تواجه حكومة بورما، باستمرار، تلك الشوفينية وتغير سياساتها.