يواجه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مخاطر رفع الحصانة الممنوحة له بموجب المبادرة الخليجية التي أخرجته من السلطة العام 2011 بعد أشهر من الاحتجاجات التي قادها الشباب في كل مناطق اليمن، في ظل توجهات بتحريك دعوى قضائية لدى محكمة الجنايات الدولية في هذا الصدد وتصنيفه مجرم حرب. وعززت تصريحات أدلى بها مؤخراً مستشار رئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الإرياني حول التوصيف القانوني للحصانة القضائية والسياسية الممنوحة لصالح وضوابطها الزمنية، التوقعات بإصدار الرئاسة قراراً جمهورياً يقضي بإلغاء الحصانة، ما سيمهد الطريق أمام المساعي الهادفة إلى بدء ملاحقة صالح من خلال محكمة الجنايات الدولية التي تعد اليمن من الدول الموقعة على ميثاقها. واعتبر الإرياني أن الحصانة القضائية الممنوحة لصالح تشمل فقط السنوات التي سبقت التوقيع على المبادرة الخليجية العام 2011، ما يضع صالح في مواجهة جرائم ذات طابع سياسي وجنائي من أبرزها التحالف مع حركة تمرد مسلحة، وهي جماعة الحوثي، وغيرها من الجرائم التي تم ارتكابها خلال هذا التحالف، بخاصة منذ تسليم صالح السلطة العام 2012 للرئيس الحالي عبدربه منصور هادي. ولم ينس شباب الثورة ضحاياهم الذين سقطوا أثناء أشهر من الاحتجاجات ضد الرئيس السابق، وهي الاحتجاجات التي أسفرت عن خروج صالح من الحكم، وإن كان أبقي عليه ضمن اللاعبين الرئيسيين في البلاد. ويبدو أن التحركات السياسية التي أقدم عليها صالح خلال السنوات التي أعقبت تسليمه السلطة للرئيس عبدربه منصور هادي عام 2012، هدفت إلى تقويض العملية الانتقالية، بخاصة ما يتصل بتحالفه مع جماعة الحوثيين التي ارتكبت جرائم عدة بمقتل الآلاف من أفراد الجيش والأمن باعتراف قادتهم الذين يتفاخرون بقتل ما لا يقل عن 30 ألف جندي في الحروب الست التي خاضوها ضد النظام للفترة الممتدة من 2004 2010. ويدفع صالح ثمن استعدائه لليمنيين كافة بتحالفه مع جماعة موغلة في الإجرام، بعدما كشفت الأعمال التي قامت بها حركة الحوثيين خلال مرحلة تهجير الجماعة السلفية في محافظة صعدة، ومنذ ما قبل اجتياح محافظة عمران وإسقاط اللواء 310 مدرع، الذي كان يقوده اللواء حميد القشيبي، وما تبع ذلك من فرض حصار على العاصمة صنعاء قبل إسقاطها في الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول العام الماضي، وصولاً إلى تفجير حرب شاملة في مناطق البلاد كافة، بخاصة منها الجنوبية في شهر مارس/آذار الماضي التي لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم. ويرى مراقبون أن صالح أراد أن يعيد مجده الذي فقده في 2011 عبر إعادة تحالف مختلف مع جماعة الحوثيين، وهي الجماعة التي قال فيها الكثير من النعوت والأوصاف السيئة، ووجدت الجماعة في تعطش صالح للعودة إلى المجد الزائل فرصتها للانتقام من الخصوم كافة، بخاصة بعد أن فتحت ثورة الحادي عشر من شباط أذرعها للجميع واستيعابهم، بمن فيهم الحوثيون أنفسهم. ويبدو أن التحالف الحوثي صالح الجديد الذي برز بشكل سافر خلال الفترة القليلة الماضية، بعد أن كان متخفياً تحت مظلات مختلفة، سيكون وبالاً على الحوثيين وصالح نفسه، إذ إن هذا التحالف استفز الفئات الاجتماعية المختلفة في اليمن، بعد أن كشفت الجماعة عن وجهها القبيح في استعداء الشعب اليمني كافة. ويشير مراقبون إلى أن جرائم صالح التي ارتكبها ضد أبناء شعبه خلال تحالفه مع جماعة الحوثيين ستمهد الطريق لرفع الحصانة عنه وعن أبنائه وأقربائه الذين يساندونه في الحرب ضد الشعب اليمني، وهي الحصانة التي كانت تمنح صالح خروجاً شرفياً وتجنبه الملاحقات القضائية رغم الجرائم الكبيرة التي ارتكبها خلال فترة حكمه الممتدة لأكثر من 33 عاماً. إسقاط حصانة صالح ستكون لها تداعياتها الكبيرة على الأرض خلال الفترة القليلة المقبلة، وسيكون من حق الشعب اليمني وقواه المختلفة المطالبة بمحاكمة صالح على الجرائم التي ارتكبت خلال السنوات الماضية من حكمه، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم، ومن أبرزها مجزرة جمعة الكرامة التي ارتكبتها قوات الأمن المركزي التي كان يقودها نجل شقيقه يحي محمد عبدالله صالح، وذهب ضحيتها نحو 60 شاباً وجرح نحو 300 آخرين بعد أدائهم صلاة الجمعة في الثامن من آذار من العام 2011. ويتوقع مراقبون أن تتم إعادة التحقيقات في جرائم ارتكبت في عهد صالح خلال سنوات حكمه ال 33، إضافة إلى مشاركته في اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 1977. قائمة طويلة من الجرائم تنتظر صالح عند إسقاط الحصانة الممنوحة له بموجب المبادرة الخليجية، بخاصة بعد أن تخلى عنه الكثير من الحلفاء والأصدقاء في الداخل والخارج، وتحول إلى إنسان مطارد بعد أن دكت قوات التحالف منازله العديدة في كل من صنعاء ومسقط رأسه سنحان وخارجها، حاله كحال اللاجئين الذين شردتهم الحرب التي شنها هو وجماعة الحوثي المتحالف معها، وهي الجماعة التي تمكنت بطريقة أو بأخرى من لف حبل المشنقة حول رقبة صالح الذي اعتقد أنه بتحالفه معها سينجو منها.