عكس تحذير شديد اللهجة وجهته السلطات المصرية إلى أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي عشية محاكمته بتهمة التحريض على قتل متظاهرين أمام قصر الرئاسة العام الماضي، حجم الاستنفار المصاحب للمحاكمة التي دعت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى تظاهرات بالتزامن معها، فيما أثار منع برنامج ساخر انتقادات حادة للحكم الموقت. ويبدو أن السلطات الموقتة تعوّل على المحاكمة لتوجيه رسائل عدة باتجاهات متفرقة، أهمها تأكيد طي صفحة «الإخوان» ورفض دعوات المصالحة القائمة على الإفراج عن قادة الجماعة الموقوفين، إذ إن 14 منهم سيمثلون للمحاكمة مع مرسي أمام محكمة جنايات القاهرة غداة زيارة خاطفة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم يناقش خلالها مع أركان الحكم كيفية حل الأزمة السياسية. ولا تقل الرسائل الأمنية أهمية، بنظر الحكم الموقت، إذ إن مرور يوم المحاكمة بلا مشاكل سيعني أن السلطات تجاوزت أي تهديد قد تشكله احتجاجات أنصار «الإخوان» المستمرة رغم تراجع قدرة الجماعة على الحشد. كما أن المحاكمة تأتي قبل 10 أيام من انتهاء العمل بقانون الطوارئ وحظر التجوال الذي يستند إليه. وبدا الاستنفار الأمني واضحاً أمس في زيارة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وقائد المنطقة العسكرية المركزية اللواء توحيد توفيق مقر المحاكمة في معهد أمناء الشرطة عند أطراف القاهرة أمس لمتابعة إجراءات التأمين. وحذرت وزارة الداخلية في بيان أنصار مرسي من أن الشرطة «ستتصدى بكل الحسم والحزم» لأي محاولات لاستهداف المنشآت العامة أو الخاصة، ملوحة بـ «استخدام الأسلحة النارية». وأعلنت «تكليف القطاعات النوعية والجغرافية في الوزارة باتخاذ الإجراءات التأمينية كلها لحماية المنشآت العامة والشرطية وتوفير الحماية الكاملة لها، وردع أي اعتداءات قد تتعرض لها في إطار الإجراءات القانونية المنظمة لاستخدام الأسلحة النارية ووفق ضوابط الدفاع الشرعي عن النفس والمال». وجدد «تحالف دعم الشرعية» دعوة أنصاره إلى الحشد غداً تحت شعار «يوم صمود الرئيس» عند مقر المحاكمة، مطالباً «أحرار العالم» بالتظاهر أمام السفارات والقنصليات المصرية. وتظاهر أمس مئات من أنصار مرسي أمام دار القضاء العالي تنديداً بمحاكمته وسط استنفار أمني، إذ أغلقت قوات الجيش والشرطة محيط دار القضاء بالأسلاك الشائكة. كما أغلق الجيش ميدان التحرير بالأسلاك الشائكة لساعات خشية محاولة «الإخوان» التظاهر فيه. من جهة أخرى، مُنع الإعلامي باسم يوسف من الظهور على شاشة قناة «سي بي سي» بعد جدل فجرته أولى حلقات الموسم الثالث من برنامجه السياسي الساخر «البرنامج»، التي سخر فيها من حال الولع بوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وفوجئ المشاهدون ببيان أذاعته القناة قبل دقائق من موعد بدء «البرنامج» مساء أول من أمس أعلنت فيه وقفه. وبررت «سي بي سي» قرارها بأنها «فوجئت بأن المحتوى الإعلامي المُسلم لإدارة القناة من حلقة البرنامج، يخالف ما ورد في بيان القناة السابق»، الذي كان اعتذر عن «الإساءة إلى ثوابت الشعور الوطني العام»، في إشارة إلى انتقاد السيسي. وأضافت أنها «لفتت انتباه منتج البرنامج ومقدمه إلى ضرورة الالتزام بما جاء في بيانها السابق». وتحدثت عن «إخلال المنتج بشروط مالية وفقاً للعقد بين الأطراف، ما دفع مجلس إدارة القناة لإيقاف إذاعة البرنامج إلى حين حل المشاكل الفنية والتجارية مع منتجه ومقدمه». لكن فريق عمل البرنامج أصدر بياناً أمس أعرب فيه عن أسفه لقرار القناة «المنفرد والمفاجئ بوقف البرنامج»، مؤكدة التزامها شروط العقد. وتحفظ الفريق عن بيان القناة، لكنه رفض «الإدلاء بأية تصريحات أو بيانات انفعالية قد تضر بمكانتنا... ونعتبر أن ما تم تجاهنا هو تشهير بسمعة الشركة المنتجة والعاملين فيها». وتعهدت «احتواء هذا الموقف بأسلوب مهني راق بعيداً من المهاترات والانفعالات». وفجر وقف البرنامج انتقادات واسعة من سياسيين وشخصيات عامة للسلطة الموقتة. وعكست غالبية التعليقات قناعة بتدخل السلطة والضغط لإيقاف البرنامج، رغم نفي المستشار الإعلامي للرئيس أحمد المسلماني ممارسة أي ضغوط في هذا الشأن، عازياً الأمر إلى «شؤون داخلية» في القناة.