إن تاريخ الأمم يرفض الإرهاب بجميع أشكاله وألوانه، وكذلك جميع الأديان تعده مرضا عضالا يصيب القلب والعقل، ويورث الهمّ والحزن والكوارث ويقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فإذا وجدنا العائق الحقيقي الذي يقبع في العقل الباطن فإننا نتتبع تلك النزعات للحصول على حياة أكثر نظاماً وسلاماً. لقد خلق الله تعالى الإنسان خاليا من الضغائن والأخطاء والعيوب، ولكن هناك مفاهيم تشعل المخيلة غضباً وتتجذر في داخل النفوس لتكسبها مزيداً من البؤس والشر، وهذا الشعور يجعل الإنسان يحصد ما يزرع وما يعمله من إثارة للرعب وإرهاب الآمنين وما تزخر به حياته من حقد وحمق. ومن المثير أن هناك جهات تشكك في الصور الذهنية للمواطنة عقب أي عمل إرهابي تقوم به ثلة متطرفة من الحمقى، وتصرّح بذلك وسائل الإعلام الغربية أن الإرهاب القادم ما هو إلا نتاج لتاريخ طويل من الاستعمار والاستبداد، ولو أخذنا جزءا يسيرا من هذا التعريف من وزارة العدل الأميركية التي أظهرت أن ارتفاع الجريمة بنسبة 18% في 2011، وقد سجلت أول زيادة سنوية منذ عقدين، وأن ارتفاع نسبة الجريمة في الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد تصل 26 جريمة بالثانية، وسرقة تتم كل ثلاث ثوان ولكن الإعلام الغربي لا يضعها في خانة الإرهاب، ويسلط الأضواء على الدول العربية لاجتثاث الحس الأمني للفرد العربي. والهدف من عرض هذه النسب المذهلة من الجريمة في الدول المتقدمة إنما هو تحليل لهذه التعريفات بغرض تحديد ماهية الوعي وتأثير الحضارة على الفرد في هذه المجتمعات، هل يحق لنا تسمية ما تقترفه الأيدي الملطخة بدماء الأبرياء في جميع أركان العالم نتيجة استبداد أو حماقة؟ أم أن الإرهاب يصب في مصلحة الدول وأيديولوجياتها؟ وتفسيره حسب سياستها الخارجية والداخلية، ومنذ 50 سنة والصهاينة يهدمون البيوت في فلسطين على رؤوس سكانها، ويحولون أراضيهم الزراعية إلى مستوطنات، لو أجمع العالم على تسمية هذه الانتهاكات إرهابا، لما تفرعت العمليات الإرهابية على الأراضي العربية. ولكن هيهات أن تعترف الدول العظمى بهذا الإرهاب لأنه يعارض مصالحها، وما صُنع في العراق وسورية واليمن إنما هو حملة إرهابية منظمة تقودها إيران، لصالح الرأي العام العالمي والانشغال عن القضية الأساسية -قضية فلسطين المحتلة- وبناء على ما سبق، نجد أن ما تقوم به المنظمات الإرهابية مخالف للوعي الإنساني وغير مكترث للخطورة الحقيقية التي عمدت إلى تشويه الإسلام، ما جعل الغرب يرتاب من الإسلام والمسلمين، فالقضية أكبر من تفجيرات عشوائية وأجساد مفخخة. لقد تم استغلال الدين الإسلامي أسوأ استغلال ووجد المتطرفون حجة لأعمال العنف التي يرتكبونها، وجنح معظم هؤلاء المتشددين إلى العنف وأسقطوا معنى الجهاد على كل أفعالهم واتخذت معنى إرهابيا أغلب ضحاياه من المسلمين. وقبل مواصلة الحديث ندون ما أعلنه وزير العدل الألماني "هايكو ماس" عن مشروعات لقوانين جديدة تمت مناقشتها في البرلمان، تقضي بتشديد الإجراءات على المتطرفين من بينها منعهم من السفر إلى المناطق المضطربة في العالم وتعزيز مكافحة الإرهاب بحزمة تشريعات. وفي الحقيقة إن منع السفر إلى تلك الدول المشتعلة بنار الفتنة والطائفية، يجنبنا كثيرا من التحديات التي تحاك ضد بلادنا والتي تم فيها تجنيد الشباب للمهام الانتحارية في مسجد القديح والدالوة بالأحساء.