من المتوقع ان تقاوم الدول الخليجية المنتجة للنفط الدعوات لخفض الانتاج خلال اجتماع «منظمة الدول المصدرة للنفط» (اوبك) الشهر المقبل، إذ لا تزال هذه الدول تضع الحفاظ على حصتها في السوق على رأس أولوياتها، وفق ما يرى المحللون في قطاع النفط. وأدى قرار الدول الـ 12 الأعضاء في المنظمة خلال اجتماعها في تشرين الثاني (نوفمبر)، عدم خفض الإنتاج إلى تدهور الاسعار بنسبة 60 في المئة، قبل أن تعود الى الانتعاش في الاسابيع الاخيرة. ورأى الخبير الاقتصادي السعودي عبد الوهاب أبو داهش ان «الحفاظ على الحصة في السوق يظل على رأس أولويات الدول الخليجية». وصرّح ان ما يشجع هذه الدول أكثر على القيام بذلك هو «المؤشرات على أن الاستراتيجية التي تبنتها في تشرين الثاني (نوفمبر) نجحت، إذ أدت إلى خفض انتاج النفط الصخري الأميركي وعدد مناطق الحفر». وفي مواجهة الانخفاض الشديد في ايراداتها من النفط، دعت بعض دول «الاوبك» وبخاصة ايران وفنزويلا، علناً إلى خفض الانتاج لدعم الاسعار. وقال العضو السابق في المجلس الأعلى للبترول في الكويت موسى معرفي: «لا أعتقد أنه سيحدث أي تغيير خلال اجتماع اوبك». وأضاف أن «الدول الخليجية ستواصل الدفاع عن حصتها في السوق، وذلك من حقها (...) ولن تقبل هذه الدول خفض الانتاج على حسابها، الا اذا تم التوصل إلى اتفاق بين الدول غير المنتجة للنفط». ومن المرجح أن يقع عبء أي خفض في إنتاج «اوبك» على كاهل الدول الخليجية، وهي السعودية والكويت والامارات وقطر، التي ارتفع انتاجها بنحو 3.5 ملايين برميل يومياً منذ العام 2011. وفي الوقت الحالي، تضخ هذه الدول 16.8 مليون برميل من النفط يومياً، أي ما يساوي 55 في المئة من إجمالي إنتاج «اوبك»، إذ تنتج السعودية لوحدها 10.3 ملايين برميل يومياً. وقال نائب العضو المنتدب لدى قطاع التسوق العالمي لمؤسسة البترول جمال اللوغاني في ندوة الاسبوع الماضي ان «التغير في خارطة الطاقة العالمية جعلت مسألة الحصة السوقية حساسة». وأضاف أن الإرتفاع الشديد في انتاج الولايات المتحدة من النفط إلى 9.4 ملايين برميل يومياً أتاح لواشنطن وقف وارداتها من النفط الخفيف من افريقيا. وخفضت الولايات المتحدة واردتها من النفط الثقيل من أميركا اللاتينية واستبدلته بالنفط الرملي الكندي. وقال اللوغاني ان «ذلك دفع بالمصدرين من افريقيا وأميركا اللاتينية الى البحث عن أسواق جديدة شرقا»، مضيفا انه يتم ضخ اكثر من 3 ملايين برميل يومياً من النفط الخام العالي الجودة إلى هذه الأسواق في منافسة للدول الخليجية. وأكد ان ذلك «يضع ضغوطا إضافية على دول الاوبك، خصوصاً الدولة الخليجية المصدرة للنفط، يدفعها الى التعاون من أجل الحفاظ على حصتها في السوق وحتى ضمان مستوردين جدد لكميات اضافية في المستقبل». ومن المرجح ان تقتنع دول «الاوبك» بمواصلة استراتيجيتها بعد التعافي النسبي لاسعار النفط وانخفاض انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري. وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الأميركية انخفاضاً في انتاج النفط الخام من 112 ألف برميل ليصل إلى 9.26 ملايين برميل مطلع أيار (مايو). وصرحت مندوبة الكويت في «اوبك» نوال الفزيع للصحافيين الاسبوع الماضي ان «الاسعار تتحسن، ونمو الامدادات من الدول غير الأعضاء في اوبك، خصوصاً من الزيت الصخري، أقل من الماضي والطلب ينتعش». وشهدت أسعار النفط خلال الاسابيع القليلة الماضية تحسناً بنسبة تقارب 40 في المئة، إلا انها لا تزال أقل من معدلها الذي تجاوز 100 دولار للبرميل في حزيران (يونيو) من العام الماضي. واكدت الفزيع ان الفائض في الانتاج انخفض من نحو مليوني برميل أواخر العام الماضي إلى ما بين مليون و1.2 مليون برميل الآن. إلا ان «كوميرزبانك» حذر مطلع ايار (مايو) من ان «فائض الانتاج في سوق النفط سيتواصل الى حين تخفض اوبك انتاجها». وذكرت «الوكالة الدولية للطاقة» ان انتاج المنظمة وصل الى 31.21 مليون برميل يومياً في نيسان (أبريل)، وهو أعلى معدل له منذ أيلول (سبتمبر) في العام 2012. وقالت انه بناء على ذلك فان «من المبكر الاشارة الى ان اوبك ربحت معركة الحفاظ على حصتها في السوق (..) بل يمكن القول ان المعركة بدأت للتو».