×
محافظة المنطقة الشرقية

قتلتُمُ الصّلاةَ في محرابِها ..

صورة الخبر

اختُتمت ليل الاثنين الدورة السابعة من معرض "آر باري" الدولي الذي ينظم كل عام في "القصر الكبير" في باريس ويُعتبر موعد الفن الحديث والمعاصر الأهم بفرنسا. وقد شارك في هذه الدورة ١٤٤ غاليري عشرون دولة وعدد من الدور الكبرى التي تعنى بنشر الكتب الفنية. وجديد هذا العام هو حلول الفن التشكيلي الروسي ضيف شرف على المعرض حيث وفر فرصة ثمينة لتأمل أعمال رئيسية لوجوه هذا الفن الذين نشطوا في القسم الأول من القرن العشرين مثل أوسيب زادكين وسيرج بولياكوف ولانسكوي، ولاستكشاف إنجازات موجة الطلائع الثانية (١٩٦٠ـ١٩٨٠) التي تمرّدت على جمالية الواقعية الاشتراكية وأسّست حركات استوحت جمالياتها من مدارس مختلفة، كالفن التجريدي بشقيه التشييدي والتفوقي، والفن التصوري وأسلوب البوب آرت. لكن اللافت في هذه الدورة كان حضور الفن العربي المعاصر من خلال مشاركة خمس غاليريهات لبنانية وواحدة من دبي، ليكون عدد الفنانين العرب المشاركين 34. ففي الفضاء الضخم الذي احتلته غاليري كلود لومان، شاهد زوار المعرض أعمالا لأربعة فنانين عرب كبار، نجح كل واحد منهم في إنجاز حصيلة فريدة بين إرثه الشرقي وثقافته الغربية، وهماللبناني شفيق عبود الذي حضر بلوحات ضخمة تختصر مساره الفني الطويل والغني (١٩٥٩ـ٢٠٠٢)، والعراقي ضياء العزاوي الذي شارك بثلاثة أعمال تاريخية من مجموعته الخاصة "المعلقات" (١٩٧٨) و"غيلغامش" (١٩٨٧) و"بلاد السواد" (١٩٩٤-١٩٩٧)، والجزائري عبد الله بن عنتر الذي شارك بلوحات من مرحلة الثمانينيات، أبرزها لوحة بثلاثة مصاريع تحمل عنوان "المصطفى"، واللبنانية إيتيل عدنان التي كشفت لنا عن أربعة كتب فنية، ومواطنها شوقي شوكيني الذي حضر بمنحوتتين: "طفل غزة" (٢٠١٠) و"حصان من غرنيكا" (٢٠١١). لوحات للعراقي حليم الكريم(الجزيرة) أعمال تعكس الواقع وفي الفضاء المخصص لغاليري "مارك هاشم"، توزعت أعمال مثيرة لستة عشر فنانا عربيا معاصرا يعكس بعضها الواقع السياسي الصعب الذي تعيشه منطقتنا والعالم منذ فترة. فالفلسطينية ليلى شوى قاربت لوحاتها الجور والعنف الذي يتعرض له أبناء وطنها بأسلوب البوب آرت. ولوحات السوري سبهان آدم تقطنها شخصيات هجينة أو مشوهة ناتجة عن رؤية الفنان للبشرية. وبينما تركز أعمال اللبناني عابد القادري على موضوع الثقافة العربية المحرومة من حريتها، تخطط لوحات المغربية للا السيّدي هوية المرأة وموقعها في العالم العربي. أما الفنانون الآخرون الحاضرون في هذا الفضاء فكانوا السوريين همام السيد وأحمد مولى وياسر صافي، واللبنانيين جينو شويري ومنى طراد وحسين ماضي وريكاردو مبارخو وفاطمة مرتضى ورؤوف رفاعي، والمغربي ناصر، والمصري خالد حافظ. وخصص غاليري "إيمان فارس" فضاءه الكبير داخل المعرض لخمسة فنانين عرب هم العراقي حليم الكريم الذي تعكس صوره الفوتوغرافية الضبابية مشاغله الجمالية والوجودية ومأساة وطنه المعالجة بسخرية مبطنة، والمغربي يونس رحمون الذي ما برح يستكشف موضوع المسار الشخصي والسفر الداخلي في أعمال تختلط داخلها تأثيرات نابعة من جذوره ومعتقداته وتجاربه الحياتية، واللبناني علي شري الذي يقارب بصوره وفيديوهاته جميع الفضاءات التي تسترعي انتباهه ويقود بواسطتها تأملات فلسفية وشعرية وسياسية مثيرة، والفلسطينيان بسمة الشريف ويزن الخليلي اللذان يتناولان بوسائل مختلفة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي انطلاقا من تجربتيهما الشخصية. وفي الفضاء الذي احتله غاليري "أليس مغبغب" توزعت نخبة من صور الفنانة اللبنانية هدى قساطلي تفضح لا مبالاة اللبنانيين أمام ضياع جزء من تراثهم التاريخي، وهو المنازل القديمة لبيروت التي دمرت الحرب الأهلية جزءا منها وأجهزت على الجزء الباقي عملية إعادة الإعمار التي انطلقت بعد الحرب. لوحة للفلسطينية ليلى شوى (الجزيرة) فن حِرَفي ونظم غاليري "تانيت" في فضائه معرضاً فردياً للفنانة التشكيلية اللبنانية لميا زيادة يعكس استكشافها الثابت لرموز المتعة والإدمان الطاغيين على المجتمعات الحديثة في لوحات وقطع تتكون من قماش ولبد ومطرزات وملصقات، وتندرج ضمن أسلوب يجمع بين البوب آرت والفن الحِرَفي. وفي هذا السياق شمل معرضها زجاجات فارغة وعلب سجائر وعقاقير وأوراق شدة ولوحات عري ضمن إخراج ينم عن فكاهة وسخرية كبيرتين. أما غاليري "الربع الخالي" فعرض داخل فضائه أعمالا فوتوغرافية لثلاثة فنانين أجانب إلى جانب صور للفنان العُماني المعتصم المسكري يعالج فيها التباس هوية الرجل والمرأة داخل عالم اليوم عبر التقاطه بورتريهات لنساء عربيات بزي رجالي. كما شمل المعرض لوحات للسوري زياد دلول والمصري يوسف نبيل والتونسية مريم بودربالة واللبنانيين نبيل نحاس ولميا زيادة والجزائري كريم غلوسي والمغربي فؤاد بلامين. ويعكس هذا الحضور حيوية الفن التشكيلي العربي والاهتمام المتصاعد به في أسواق الفن الدولية.