للمرة الثانية يحاول الإرهاب في المنطقة الشرقية، أن يزرع الفتنه بين أبناء الوطن الواحد، بداية من حادثة "الدالوة" بمحافظة الإحساء مطلع العام الجاري، التي كشفت عن مخطط إجرامي بشع يهدف إلى شق الصف بين المواطنين، وإحداث فجوة لن تنتهي إلا بالقتل والتناحر، وبدلاً من ذلك قابل هذا الهدف وحدة الصف بين المواطنين ورفعوا شعار "الوطنية" فوق كل اعتبار. ومع تكرار هذه المحاولة في المملكة وبحكمة قيادتها الرشيدة لن تقف مكتوفة الأيادي وستضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول تعكير صفوا الوطن، إذ سبق أن أعلنت قيادة السعودية في مختلف المحافل أن العالم ابتلي بداء الإرهاب الذي استشرى في أنحاء المعمورة، وأضر بالمسلمين أكثر من غيرهم، وعانت منه بلادنا كما عانى منه غيرها. ولقد حرصت قيادة المملكة أن تكون دولتنا في مقدمة الدول لمحاربته، فعلى الصعيد الداخلي تمت مواجهته من خلال محاور عدة، منها ما يتعلق بالجانب النظامي بإقرار نظام جرائم الإرهاب وتمويله، ومنها ما يتعلق بالجهود المبذولة من العلماء والدعاة والمثقفين، لبيان ضلال هذا الفكر وخطورته على العقيدة والأمن، ومن ذلك ما صدر عن هيئة كبار العلماء عن الإرهاب وخطره ومكافحته، إضافة إلى العمل الأمني الدائم لمواجهته من خلال التحركات الأمنية الاستباقية لإفشال خطط الإرهابيين ومطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة. وعلى الصعيد الخارجي كان لدولتنا السبق في التحذير من الإرهاب، من خلال دعوة قيادتنا الرشيدة لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب والدعوة إلى مواجهة الإرهاب على المستوى الدولي، وقدمت المملكة لهذا المركز تبرعا بمبلغ 100 مليون دولار لتفعيل دور هذا المركز عاجلاً، ثم عززت ذلك بدعوة المجتمع الإقليمي والدولي إلى التعاون لمكافحة هذا الداء. وفي بلدة "القديح" تلك البلدة الصغيرة في محافظة القطيف، يعود الإرهاب مرة أخرى مستهدفا مواطنين عزلا خلال صلاة الجمعة، ما أدى إلى وفاة وإصابة الكثيرين، فقابله رد فعل من المواطنين مرة أخرى بشعار "لا للإرهاب" في صف واحد ليعبروا عن قوة تماسكهم والتفافهم ضد كل من يحاول زرع الفتنة، ما يؤكد أن الإرهاب لن يقف ضد مسيرة هذا الوطن الغالي. على نمط حادثة "الدالوة" جاءت حادثة "مسجد القديح"، في محاولة يائسة من قبل فئة باغية تستهدف الوحدة الوطنية، إلا أن الدالوة بعد ان فقدت عددا من ابنائها صبرت واحتسبت ووقفت مع ابناء وطنها ومع قيادتها الرشيدة، فيما عبر المواطنون في صورة معهودة عن حزنهم لحزنها، ووقفوا صفا واحدا مع أهالي تلك القرية الصغيرة معزين ومواسين في الحادثة المؤسفة من أنحاء المملكة. واليوم في بلدة "القديح" بالقطيف يحاول الإرهاب مرة أخرى النخر في جسد الوطنية، ساعياً لإثارة الفتنة ولكن كل مواطن في هذا البلد سيقف ضده وضد كل من يحاول غرس فتيل الفتنة بداعي الطائفية وخلافها. وقد استنكر مواطنون حادثة القديح، مؤكدين أن المملكة تعيش في ظل وحدة الكلمة وكلمة التوحيد تحكمهم قيادة رشيدة تمثلت بملوك كرام عبروا بسفينة الوطن أمواجا متلاطمة لتصل شاطئ الأمان. وأدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بشدة الحادثة الإرهابية التي استهدفت المصلين ببلدة القديح، وعدتها جريمة بشعة تهدف إلى ضرب وحدة الشعب السعودي وزعزعة استقراره، ويقف وراءها -بلا شك- إرهابيون مجرمون لهم أجندات خارجية، وليس لهم ذمة ولا يراعون حرمة، وغاظهم أشد الغيظ قيام المملكة بواجباتها الدينية والعربية والإسلامية، سائلة الله تعالى أن يمكن من هؤلاء المجرمين عاجلا غير آجل، لإنزال أشد العقوبات بهم ليكونوا عبرة ومثلا لمن تسول له نفسه الاعتداء على أي مواطن أو مقيم على ثرى هذا البلد الآمن الأمين. وطالب الجميع من مواطنين وعلماء ومثقفين أن يتنادوا إلى تقوية اللحمة الداخلية وتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين الذين ما فتئوا ومنذ عقود يتحينون الفرصة لخلخلة أمن واستقرار بلاد الحرمين الشريفين، ولكن الله تعالى لهم بالمرصاد ثم المواطن الذي هو رجل الأمن الأول ورجال أمننا البواسل الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن حرمات هذا الدين وحدوده وأمنه واستقراره، وثقتنا فيهم كبيرة في تقديم من يقف خلف هذه العملية الإرهابية للقضاء لينال عقوبته الشرعية الرادعة.