عجز رئيس الوزراء العراقي عن اعطاء طابع وطني جديد لزيارته الحالية لواشنطن ، فبدأ وكأنه يقدم لواشنطن دعوة جديدة لاحتلال العراق ، فكرر نفس المطالب والمخاوف التي كان يكررها قبل احتلال العراق 2003 ، فان كان في السابق يتحدث عن انقاذ مصير العراق من سيطرة حزب البعث فاليوم مازال يتحدث عن مصير العراق المجهول بسبب سيطرة عناصر القاعدة على جغرافية الحياة والموت في بلاده، وبدأ عند حديثه للرئيس اوباما وكأنه يتحدث لرئيس دولة صديقة يتعرف للتو على مأساة العراق ، وليس رئيس دولة احتلت بلاده لتسعة اعوام وغيرت شكل السياسة والارض والموت، ففشل السياسة الامريكية في العراق وحكومة السيد المالكي الطائفية هما الارهاب وسببه وهما مشروع تقسيم العراق وهما من جعل مال النفط العراقي يصب في الخزينة الايرانية وهما من ساعد على تهجير اكثر من 7 ملايين عراقي وقتل اكثر من مليون ، فأخلاقياً هما مطالبان باعتذار للشعب العراقي عن فشلهم الذي حول مياه الفرات لمجرى للدم يغرق كل حل وطني مستقل مثل ابعاد الدكتور اياد علاوي الذي اختاره الشعب العراقي من خلال صندوق الاقتراع وابعدته طهران وواشنطن والمالكي عن قيادة العراق بعد الاحتلال الامريكي لها . فالكلام عن مأساة الشعب العراقي في لقاء المالكي واوباما كلام يدينها أكثر من إعطاء الزيارة طابع تحالف دولتين مستقلتين في السيادة ومشتركتين في المصالح . زيارة السيد المالكي لواشنطن لا تختلف في اهدافها عن أية زيارة له لطهران , عرض معلن لمأساة الشعب العراقي ، وتنسيقات سرية تتجاوز في مصالحها مأساة الشعب العراقي ، فالمالكي له أنف ثعلب يشم فيه مصالحه والمخاطر المحيطه فيه ، ومن مصالحه ان يستمر العنف الطائفي لكي يبقى في الحكم لفترة ثالثة كزعيم طائفي يثبت مكاسب طائفته في المرحلة القادمة ، هذا داخلياً، وخارجياً على خلفية التقارب الامريكي الايراني سوف يبرز دوره كوسيط مرغوب من الطرفين لبناء هذا التقارب . ولمعرفة نتائج زيارة الرئيس العراقي لواشنطن غير المعلنة، يجب قراءة خلفية موقف التيار الصدري من تلك الزيارة، فقد انتقد زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الزيارة ورأى أنها غير مجدية ولا تصب في صالح الشعب العراقي، فمعروف ان التيار الصدري اكثر مذهبية من حزب الدعوة الممثل سياسيا بدولة القانون ورئيسها السيد المالكي ، فالاعتبار الطائفي مستبعد من انتقاد الصدر للزيارة ، فالاعتراض على الزيارة بالدرجة الاولى هو اعتراض سياسي ، فزعيم التيار الصدري ضد دعم واشنطن السياسي للمالكي ، ومن هذا الاعتبار يمكن تفهم موقف مقتدى الصدر ، فهو يعلم إن استطاع السيد المالكي أن يقنع واشنطن في دعمه في الانتخابات القادمة العام القادم سوف يقترب من بقائه فترة ثالثة بالحكم ، وهذا ما يعارضه التيار الصدري صاحب التأثير القوى في الوسط الشيعي، وغير المقبول سياسيا في البيت الابيض ولا حتى في طهران التي تقبله كزعيم ديني فقط . وهنا تأتي أهمية الزيارة للطرفين حكومة المالكي وواشنطن ، المالكي يريد الاستمرار في الحكم وواشنطن تريد أن تطمئن على مصالحها بعد الانتخابات العراقية القادمة ، فالمالكي سيعرض فرص نجاحه وواشنطن سوف تعطيه ملاحظاتها على فترة حكمة ، وبعدها إما يستقر الاختيار على المالكي، أو يرشح المالكي للإدارة الامريكية رئيساً جديداً للحكومة في العراق .