تعول دول مجلس التعاون الخليجي على عودة الدور المصري في المنطقة العربية سياسيا واقتصاديا، بعد التغير الأخير الذي طرأ على البلاد، والذي أدى إلى تشكيل حكومة انتقالية برئاسة الدكتور حازم الببلاوي. وأوضح المحلل السياسي فضل البوعينين بأن العلاقة المصرية الخليجية علاقة أزلية واستراتيجية وراسخة ومتشعبة في جميع الجوانب، مبينا أن الجانب الاقتصادي يعتبر هو الأبرز في توثيق هذه العلاقة، مشيرا إلى أن هناك شراكة ترتكز على محورين أساسيين، الأول هو السياسي وهو مهم في تنسيق المواقف المشتركة بما يخدم الأمة العربية، حيث تعتبر مصر هي قلب العرب النابض الذي لا يمكن أن يغيب عن أي دور حساس في المنطقة. أما المحور الثاني هو الجانب الاقتصادي، حيث أن لدول الخليج دورا ماليا استثماريا في مصر، وهو الدعم الأكثر أهمية مقارنة بالمساعدات الخارجية الأخرى. وحول النفوذ الإيراني في مصر، أشار البوعينين إلى أن مصر تعتبر من أكبر الدول العربية ذات المذهب السني، وهي ليست من السهولة اختراقها، وكل ما تحاول إيران فعله هو اعتمادها على جانبين رئيسيين، الأول علاقاتها الاستراتيجية مع حزب الإخوان المسلمين، والثاني استغلاها المساعدات المالية لتوسعة نفوذها في الداخل. واختتم البوعينين قائلا «مصر أكثر حاجة الآن لدول الخليج من الجانب الاقتصادي والعمق العربي، كما أن دول الخليج أكثر حاجة لمصر لتحقيق الاستقرار والأمن وتوحيد المواقف العربية وإعادة توازن القوى في المنطقة». من جهته، اعتبر الدكتور جمال البوحسن عضو مجلس النواب البحريني بأن «مصر نجحت بعد عزل مرسي في فرض السلوك الديمقراطي باستقلالية تامة، وجاءت الرغبة الشعبية الجارفة لتحقيق مطالبها في وقته وقبل فوات الأوان، ونحن في دول الخليج لدينا في الغالب مصالح مشتركة وهامة مع مصر، حيث إن دول الخليج تعتبر مصر ركيزة هامة من ركائز التضامن العربي والإسلامي وصمام أمان للأمن العربي». وأكد أن الدول الخليجية تحمل إيمانا عميقا وحرصا على دعم الاستقرار والأمن والأمان في مصر وبذل كل ما في وسعها للحفاظ على الاستقرار العربي. ولفت البوحسن إلى أنه «لا يمكن التقليل من محاولات إيران إقحام نفسها في الشأن الداخلي المصري واستغلال أي فرصة لتحقيق مزيد من التمدد الإقليمي. ولكن نتيجة وعي المصريين للنوايا المبيتة لدى إيران أدى إلى خسارتها في الرهان على مصر، ومهما تعددت المحاولات فهي في النهاية خسارة تضاف إلى المحاولات اليائسة من قبل طهران لوضع قدم لها في مصر لخدمة مصالحها المشبوهة في أرض الكنانة». في السياق نفسه، تحدث الدكتور ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج في الكويت عن أن درجة تحرك صانع القرار الخليجي بلغت تجاه تغيرات المشهد المصري درجة متقدمة أثبتت قدرته على العمل في كل أنواع الفرضيات. وخير شاهد على ذلك المساندة المالية الخليجية الضخمة للحكومة الجديدة في القاهرة، حيث كانت لها جوانب إيجابية لا يمكن تجاوزها. وأضاف أن تقدير ظروف مصر الاقتصادية الصعبة التي قد تقودها لمنحدر الدولة الفاشلة بدين غربي واجب السداد، واحتياطي من العملة الصعبة لا يكفي إلا لثلاثة أشهر، بالإضافة إلى التضخم و العاطلين وأزمات الوقود. وحول محور العلاقات، قال بأنه يجب أن يكون ملف المساعدات ذا بعد مؤسسي عبر اجتماع للجامعة العربية أو مجلس التعاون. وشدد على أنه يجب أن يكون التعاون موجها للشعب المصري بالدرجة الأولى، حتى لا يقال إن الدعم الخليجي لمصر هو لتأخير غضب شعبي سيتكرر إن لم تستغل الأموال في خلق تنمية مستدامة. وإشارة إلى النفوذ الإيراني في مصر، أوضح العجمي أن طهران لم تتردد في عرض مساعدات مغرية للقاهرة عبر القنوات الرسمية والشعبية، فمصر هي العمق الاستراتيجي لدول الخليج والتغلغل في هذا العمق هي عملية التفاف حول دول الخليج بعد تعثر المواجهة والتغلغل تطبيقا لمبدأ «الإحاطة» ضمن مبادئ الحرب.