إضافة إلى اختصاصها الأكاديمي في التمثيل والإخراج، التزمت الممثلة والمخرجة زينة دكاش مبدأ العلاج بالدراما، على مدار السنوات الأخيرة، حيث قدّمت مسرحيتين وفيلمين عن السجناء الرجال في سجن رومية، والنساء في سجن بعبدا، وحازت العديد من الجوائز عن فيلمي «12 رجل غاضب» (بالعامية)، و«يوميات شهرزاد»، وآخر مشاريعها «شبيك لبيك»، العمل الذي يقدّم الآن على الخشبة الجديدة «آلت سيتي»، في أول شارع الحمراء، وفي الطبقة الأولى من مبنى كانت فيه صالة سينمائية (مونتريال) مقفلة منذ سنوات طويلة. المدخل الرحب للمبنى جرى استغلاله لعدد من مضيفات المسرحية، والمشاركين فيها من خدم سودانيين و13 خادمة من أثيوبيا، الكاميرون، السنغال، وبوركينا فاسو، وتوزعت عدة أجنحة تعرض مصنوعات غذائية وعصائر، تمثل البلاد الخمس، كان أفضلها التمر السنغالي، وقد انخرطت العاملات بين الجمهور الوافد وخاضت معظمهن حوارات بالعربية المكسّرة أو المقبولة، أو الفرنسية التي يجيدها اللبنانيون كما أهل السنغال. وقف الحضور تباعاً احتراماً لخمسة أناشيد وطنية للدول المشاركة في المسرحية من خلال بناتها وأبنائها، واستمعوا بإمعان إلى الإسكتشات المعتمدة والتي تناولت مجموعة من الممارسات التي يشكو منها العاملون في المطار مع السيدات في المنازل، وبالمقابل معاناة الذين يستخدمون العاملات. مناخ العمل باسم جداً، وعرفنا حقيقة أن الأثيوبيين تحديداً إذا أومأوا برؤوسهم إلى أعلى فهذا معناه نعم، وإذا قامت الأثيوبية بحركة رأس نزولاً فهي تعني لا أو الرفض. وحين تناوبت الصبايا على المنصة المتواضعة أكدن واحدة تلو الأخرى أنهن منزعجات جداً من القانون اللبناني، الذي يمنعهن من الوقوع في الحب، في الحب وليس الزواج، وهن أبلغن الحضور بأن قانون الأحوال النفسية في دولهن يطبق مبدأ الزواج المدني وهنا انفجر الضحك بين الحضور، فالرسالة وصلت. العاملات غنّين ورقصن وحاورن، وحتى طلب من الراغبين البقاء بعد النقاش (بين الحضور والعاملات)، أن يكونوا مرتاحين في مشاركة الصبايا الحوار والرقص، وكل ما يقدم في المكان (آلت سيتي) مجاني، وكان اعتراض من الحاضرين على كلام رجل قال إنه باسم اللبنانيين يعتذر من كل العاملات على المعاملة السيئة التي يلقونها من اللبنانيين، الاعتراض لأنه وسم شعباً كله بالعنصرية غير الصحيحة بتاتاً، فالحياة اللبنانية متنوعة، وهي جزء من التركيبة الخاصة التي تدل على الشعب مباشرة. ما من فرحة تعادل فرحة زينة دكاش وهي تواكب هذا الإقبال على تجربتها الثالثة، بعد مسرحيتين وفيلمين بين سجني رومية وبعبدا للنساء. ورأت دكاش أن لكل عمل مصاعبه الخاصة. وقالت: «نعم، تعبنا في العثور على النماذج التي تفيدنا في الأفكار التي رسمناها، لعرض القضايا والمشكلات الموجودة بين البيوت اللبنانية والخادمات». وعما إذا كان مقصوداً عدم توجيهها إصبع الاتهام لأي من الطرفين، أردفت أن المقصود كان التأكيد على أن هناك أخطاء عند الطرفين، وأن المطلوب هو اعتماد أسلوب المفاتحة، «ومن خلال المسرحية وجدنا أن القضية قابلة للعلاج، وللطرفين رغبة كبيرة في معالجة المشاكل الكثيرة، التي لا تتردد ستات البيوت في التطرق إليها بالتفاصيل المملة». وعما إذا كانت هي من اختارت الجنسيات الخمس، ردت (ضاحكة): «بقدر ما تريد هناك جنسيات متنوعة وكثيرة يعمل أفرادها في لبنان. اعتمدنا على ما توفر من النماذج أمامنا ووفقنا إلى خمس جنسيات (السودان،أثيوبيا،بوركينا فاسو،الكاميرون،السنغال)»، مضيفة: «ما أفعله أنني أبث فيهن روح المبادرة، الاندفاع، والإصرار على بلوغ النتيجة المطلوبة، إضافة إلى أنني أفضل العلاقة الإنسانية دائماً، ومعتبرة ان الهدف من أعمالها هو العلاج بالدراما أولاً وأخيراً». وقالت: «نعم لقد خرجت العاملات وهن قادرات على شرح أفكارهن بطريقة أوضح و أعمق، وهذا سيريح السيدة اللبنانية لكي تفهم على العاملة ماذا تريد». أما عن منعهن من الحب في لبنان، فقالت دكاش: «هذه قضية سنتابعها لكي نلغي فاعليتها». وعن الذي تحضره بعد «شبيك لبيك»، قالت: «أشتغل على الأمراض التي أصابت اللبنانيين بفعل الحروب المتتالية».