×
محافظة المنطقة الشرقية

القشعمي فجر نفسه في مسجد القديح طمعا بـ"الحور العين"

صورة الخبر

الإيديولوجيات، كما هو متعارف إليه، نسق من الآراء والأفكار والنظريات السياسية والحقوقية والأخلاقية، ولكن يبقى دائماً للأخلاق دور محدود جداً في السياسة الخارجية. وقد قال وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر ذات يوم إن فن الدبلوماسية يتمثل في جعل الواضح غامضاً، حتى اعتبر السياسيون والدبلوماسيون من أسباب الدبلوماسية الناجحة أن تكون المعادلات ذات معنى مزدوج، حيث يستطيع كل طرف أن يفسرها ويراها تتفق وأغراضه. والعمل السري في السياسة يختلف كل الاختلاف عن العمل المباشر، وأن الالتزام بالأخلاق يجعل من السياسي رجل دولة يهتم بمصالح بلده، ويغمض عينيه عن الرؤى المثالية، انطلاقاً من فلسفة المفكر هوبس التشاؤمية في طبيعة الإنسان، وخصوصاً بعد أن سقطت كافة المبادئ والإيديولوجيات التي كانت تمسك بتلابيب العالم، وتوحّد بين أجزائه، وتضفي عليه الحقيقة والمعنى أيضاً لافتقارها حتى للخطوط العريضة لأي موقف سياسي أو اقتصادي، أو ذلك التوازن في عدالة ومطالب الدول، بل المواقف غالباً - كما جاءت في الخطابات السياسية محاطة بالكثيف من الشكوك في مصداقيتها وقواعدها. ومن هذا المنطلق جاءت قمة كامب ديفيد الأمريكية- الخليجية في لحظة تاريخية مهمة، حيث تكاثرت الأخطار التي تهدد منطقة الخليج والأمة العربية، ولم يعد ثمة مجال لاستمرار التوازن الاستراتيجي الإقليمي والدولي، خصوصاً بعد دخول عدة دول إقليمية في نطاق الفوضى والحروب الأهلية، وأيضاً بسبب اندفاع قوى جديدة راحت تعمل لتثبيت وجودها على الخريطة الجيوسياسية العالمية. ولأن الخليج يمثل نقطة الثقل بالنسبة للاقتصاد العالمي؛ فإن الحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة يُعد ذا أولوية قصوى لدى القوى الرئيسية في العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة التي لعبت، في الماضي، دوراً كبيراً في صيانة منطقة الخليج، وأبعدت عنها الخطر الشيوعي، وأمنت بذلك تدفقاً آمناً للنفط والغاز إلى أماكن الاستهلاك في مختلف بقاع الأرض. ولم تتراجع الولايات المتحدة في واجباتها في حفظ الأمن في الخليج، لكن ومع تلك المتغيرات الحاصلة، كان لا بد من إرساء علاقات تعاون جديدة بين دول مجلس التعاون وبين الشريك الأمريكي، وبما يضمن استمرار الأمن والاستقرار في منطقة الخليج. وقد أكد البيان الختامي للقمة أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة العسكرية للدفاع عن شركائها الخليجيين، إلى جانب التزام الطرفين الخليجي والأمريكي بالعلاقة الاستراتيجية. وأشار البيان إلى وجود التزام بالعمل المشترك لمواجهة أي عدوان على دول الخليج، كما أن واشنطن ستتعاون مع دول الخليج لردع ومواجهة أي تهديد. ومن يتأمل في الحديث الذي أدلى به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولّي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يشعر أن للحق منطقاً لا تصمد أمامه خطايا الانحياز، وإنما بالتعاون والمعرفة المتبادلة للتفاهم بما يخدم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال السعي لرفع راية الدبلوماسية الإماراتية على مستوى دولي متقدم يليق بمنزلتها العالمية بقول سموه: إن الإمارات العربية المتحدة مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي تدرك جيداً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها للحفاظ على سلامة وحيوية المنطقة، وتمكنت عبر مراحل وفترات مختلفة من توظيف طاقاتها وإمكاناتها لمواجهة تحديات ومخاطر عديدة، لأن أمن منطقة الخليج العربي جزء أساسي من الاستقرار العالمي، لما تمثله هذه البقعة من العالم من أهمية اقتصادية وسياسية واستراتيجية تمس الأمن العالمي. وأشار سموه إلى أن هذه القمة التاريخية غير المسبوقة تمثل إضافةً نوعيةً حقيقية إلى مسيرة العلاقات الخليجية-الأمريكية، وهي تعكس حرصاً مشتركاً على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون، دول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأمريكية. من دون شك، فإن نتائج قمة كامب ديفيد ستظهر قريباً على شكل ترتيبات أمنية جديدة ترسخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وبما يضمن لها البقاء بعيداً عن نطاق التجاذبات الإقليمية والدولية. وخصوصاً بعد دخول المنطقة في دوامة عبثية من محاولات بعض القوى الإقليمية الهيمنة على الوضع في المنطقة، من خلال إثارة الفتن والقلاقل داخل الجسد الخليجي الواحد، ومحاولة تطويق دول مجلس التعاون الخليجي. وهو ما تقف له دول مجلس التعاون بالمرصاد وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة التي كانت، وستظل بإذن الله، وتوفيقه لقيادتها الرشيدة، رائدةً دوماً في السعي لنشر الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وحريصةً كل الحرص على أمن واستقرار أمتها العربية والإسلامية، لذا شاركت في عملية إعادة الأمل في اليمن، وتعمل بدأب على حل المشكلة السورية، ودعمها الدائم للقضية الفلسطينية. وهي مستمرة على نهج الاعتدال والتسامح والابتعاد عن سياسة المحاور التي ثبت ضررها على الدول المنخرطة فيها. ولن تألو جهداً في سبيل تقديم يد العون للدول الشقيقة والصديقة من أجل تعزيز التنمية العالمية التي تعود بالنفع على مختلف سكان الأرض.