فاتحتان: أحد الذين صاغوا مفهوم القوة الناعمة أستاذ العلوم السياسية جوزف صموئيل ناي رئيس الاستخبارات الوطني في حكومة بل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق. لا أدافع في هذا المقال عن أحد ولا أقف في صف أحد فأنا أُعبّر ككاتب عن رأيي في حديث الساعة الذي مازال يدور في المجتمع وفي وسائل التواصل الاجتماعي. أما بعد: تابعت مثل غيري الجدل الذي دار ويدور بعد عرض قناة MBC حلقة من برنامج الثامنة الذي يقدمه الأستاذ داود الشريان والذي استضاف فيها أحد المتطرفين الإرهابيين المقبوض عليهم من قبل وزارة الداخلية في حربها ضد التطرف والإرهاب. وقد أثار عرض هذه الحلقة الساخنة بعض أطياف المجتمع الذين عبّروا عن رؤيتهم حيال موضوعها والمستضاف المتطرّف الممسوس عقلياً بل وذهب بعضهم إلى إطلاق اتهامات للشريان بخبث النية والطويّة والقناة بالمؤامرة على الدين والوطن وتشويه سمعة أهله. شيء طبيعي ألاّ يستوعب العامّة أدوار التلفزيون كوسيط إعلامي ينقل رسائل اتصالية ذات أهداف وغايات معينة إذ ليس بالضرورة أن يقتصر دور التلفزيون على الترفيه والتسلية وبث نشرات الأخبار كما أنه ليس من تلك الغايات أن يتقمّص الدور الأبوي الواعظ فهو أبعد من ذلك بكثير خصوصاً في زماننا هذا زمن الاستقطاب الثقافي والفكري واستخدام الإعلام ك(قوة ناعمة) قادرة على النفاذ وتحقيق الأهداف. ولكن من المؤسف ألا يستوعب هذه الأدوار وأبعادها ممن يعتبرون أنفسهم من النُخب الفكرية وينتفضون ضد الشريان ويتهمونه بوطنيته والقناة باصطفافها مع الأعداء. أطرح سؤالاً ربما يختصر كل الحكاية: حينما يعرض التلفزيون مُدمنا على المخدرات أو خاطفاً للأطفال أو عاقاً بوالديه إلى آخر تلك القائمة المشوهة هل يمثّل مجتمعنا بالكامل أو يمثّل فقط شريحة المُدمنين وخاطفي الأطفال وبقيّة المنحرفين عن السويّة البشرية؟ للذين انتفضوا بعد بث حلقة خالد المولّد أقول: هل تعتقدون بأن هذا الإرهابي يمثّلكم أو يمثّل بلادنا أو حتى أقليّة فيها؟ إنه يا سادة يمثّل فئة متطرّفة باغية ضالّة من أبنائنا شُحنت عقولها منذ أزمان وها هي تتقيأ ما بجوفها من سموم. وحتى نُحذّر البقيّة لا بد من عرض هذا النموذج على الملأ وبوسيلة إعلامية تملك من (القوّة) والتأثير بحيث تصل إلى جحور الإرهابيين في كل أصقاع الأرض لنقول لهم وللعالم هذا أنتم وهذا يمثّلكم فقط. دعونا نقف جميعاً لنُحيي وزارة الداخلية التي تصدّت بقوّة لهؤلاء الإرهابيين وكسرت شوكتهم وحمت بلادنا من جنونهم وتحشيشهم. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net