نظرية احتكار العقار أطلت علينا مؤخراً وطار بها الإعلامُ كعادته وساق تهمه جزافاً للتجار، لأنه يعلم أن قرار نشر وجهة النظر الأخرى بيده. ١- لا أعلم -حسب علمي المتواضع- أن مسمى احتكار العقار استُخدم عند أحد غيرنا مؤخراً رغم أن الاحتكار يُحارب في كل دول العالم، وهي مسألة مختلف فيها فقهياً. ٢- العقار ليس كالبضائع لأن البضاعة قد يكون عدد ملاكها محدوداً، أما العقار فملاكه الشعبُ والشعب كثير. ٣- في كل يوم نسمع عن وفاة لشخص نعرفه، وهذا يعني انتقال ما بيده ليد ورثته، فانتقال ملكية العقار مستمرة وقسرية ولن تتوقف ما دام الناس يموتون، لذلك مَن ينادي بمقاطعة العقار يحتاج لأخذ دورة بسيطة لدى أقرب مكتب عقاري. ٤- إجمالي ما يملكه الشعبُ بما فيها الشبوك لا يتجاوز ١٠٪ من إجمالي مساحة الدولة، أي أن الدولة هي المحتكر الرئيسي إن كان هناك احتكار. ٥- فشل الجهات الحكومية في إيصال الخدمات للأراضي الموجودة في المدن يكسر نظرية الاحتكار، بحكم أنها غير مخدومة ولم تكلف الدولة شيء. ٦- تجار العقار في شمال المملكة ليسوا تجارها في الجنوب وهذا يعني عدم تطابق وجهات النظر حيال فكرة الإجماع على الاحتكار. ٧- جزء كبير من العقارات التي في المدن الصغيرة والقرى عبارة عن موروث قبلي من موروثات الأجداد وليست للبيع ولا علاقة لها بالاحتكار. ٨- حصة كبيرة من المواقع المتميزة تجارياً وسكنياً في المدن الرئيسية استحوذت عليه شركات وصناديق عقارية وهي في طريقها للتطوير؛ لأن هذه النوعية من الاستثمار تحت إشراف هيئة سوق المال ولديها جدول للتخلص منها في فترة محددة. ٩- إذا كان مجلسُ الشورى -بجلالة قدره- لم يستطع حتى الآن تحديد تعريف الأراضي البيضاء فكيف نحدد الأرض المحتكرة من غيرها؟ ١٠- متوسط عدد تجار السلع الرئيسية في المملكة من ٥ إل ١٠ تجار، بينما بلغ عدد الأسر الثرية في السعودية ٣٠ ألف أسرة، فهل يُعقل أن يكون بينهم اتفاقٌ على الاحتكار؟ ١١- في بعض المدن الكبيرة في السعودية معظم الأراضي الكبيرة متنازع عليها وقضاياها في المحاكم من عشرات السنين فهل نسميها محتكرة؟ ١٢- لا ننكر بأن هناك تجاراً متمسكون بشدة بعقاراتهم ولا يريدون البيع أو التطوير، يجب أن لا نتخذهم ذريعة لزرع نظرية لا وجود لها بيننا، فهؤلاء في طريقهم للانقراض ولا يشكلون شيئاً. من خلال ما سبق يتضح ضحالة الفكر العقاري والاقتصادي لمن يدعي أن العقارَ يمكن احتكاره في وضعنا الحالي علماً بأن الدول التي تضع رسوماً على العقارات لديها لم تبرر ذلك لكسر الاحتكار أو لزيادة التطوير أو لحلول السكن، وإنما بررته بغرض زيادة خزينة دولهم من الضرائب لتحمل نفقات التعليم والصحة والدفاع. رسالة: إلى الإخوة المهتمين بقضية الاحتكار: أقول أين أنتم من احتكار المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية والأدوية والاتصالات.. وغيرها كثير؟ فتلك التي تحرق دخل المواطن المسكين وتستحق من يفتح ملفات قضاياها إن كنتم صادقين! والله ولي التوفيق