عائشة سيف عبدالله الشامسي أو (أم إبراهيم) كما تكنّى هي واحدة من النساء اللواتي وضعن أنفسهن في خدمة التراث برواية ما وعته ذاكرته وما أخذته عن أمهاتها وما جربته في حياتها من أخبار وطريقة حياة المجتمع الإماراتي التقليدي، وخاصة حياة النساء وعاداتهن وعملهن، وما كان يكتنف تلك الحياة من قوانين وحدود لا ينبغي تجاوزها. ولدت أم إبراهيم على وجه التقريب في حدود عام 1933 في مدينة الشارقة، وكما تقول إن المدينة كانت في ذلك الوقت صغيرة، مؤلفة من حارات متناثرة على الرقعة المسماة حيال في منطقة التراث، وكانت بيوتها مصنوعة من مواد بسيطة توفرها البيئة المحلية أساسها الأخشاب والطين وكان النجارون يتفننون في صناعة الأبواب الخشبية لهذه البيوت، كما كان البناؤون يضعون اعتبارات خاصة للتهوية بحيث يدخل الهواء البارد في كل الأوقات على البيوت. تركز الشامسي في مروياتها على المطبخ الإماراتي القديم تقاليده، وعلى عادات الزواج، فهي كما تقول قد تعلمت من أمها الكثير من أساليب الطبخ وأنواع الوجبات، فقد أخذت طريقة صناعة خبز الخمير وأصبحت ماهرة فيه، وهو يصنع بخلط كمية من دقيق القمح أو الذرة مع كمية من الماء وأخرى من الحليب والبيض والخميرة والسكر أو دبس التمر أو العسل، بمقادير تعرفها النساء الخبيرات في هذه الوجبة، ويجب أن يخض الخليط حتى يتمازج ويصبح عجينة واحدة، ثم تقطع العجينة إلى أقراص مدورة ترص في صينية وتغطى بغطاء حتى تتفاعل فيها الخميرة بعد حوالي ساعتين أو حسب حالة التخمر، ثم يمرر على سطح الأقراص قليل من الدقيق حتى يجف سطحها، ويمنع ذلك التصاق بعضها ببعض، وتكون ربة المنزل قد وضعت بعض الزيت في مقلاة على النار ثم تضع فيه الأقراص وتقلبها فيه حتى تحمر وتنضج، ويصبح جاهزاً للأكل، وخبز الخمير هو وجبة الإفطار الصباحية المفضلة تقليدياً، كما أنه يدخل في وجبة الإفطار في رمضان. وتقول الشامسي إنها أيضاً تعلمت المكبوس وصارت فنانة في طبخه، والمكبوس هو وجبة تصنع من لحم الغنم في الغالب مع الأرز، وطريقة إعدادها بقلي البصل والثوم في الدهن ثم يضاف إليهما اللحم ويقلى حتى يشرب رائحة الثوم، ثم تضاف البهارات والماء بمقادير تقول الشامسي إنها تختلف حسب عدد أفراد الأسرة، وعدد الذين سيأكلون الوجبة، ويترك حتى ينضج جيداً، فيأخذ اللحم خارج القدر، ويضاف الأزر في القدر ويترك حتى يمتص المرقَ، وينضج جيداً، ثم يوضع في الصحن ويوضع فوقه اللحم، كما برعت أيضاً في إعداد وجبة الهريس، التي تصنعها من اللحم والقمح والسمن والفلفل الأسود والقرفة والملح، حيث توضع قطع اللحم مع هريس القمح والملح، ويترك لساعات طويلة، حتى ينضج، ثم تعمد المرأة إلى تحريكه بشكل دائري بملعقة خشبية كبيرة، وتظل تحركه جيئة وذهاباً حتى يمتزج ويصبح عصيدة واحدة يذوب فيها كلية مع الهريس، ثم يوضع في الصحن ويضاف إليه السمن أو الزيت، وتقول أم إبراهيم إن معرفة مقادير الوجبات ومناسبة كل كمية لعدد الأشخاص في البيت، كان في ذلك الزمن الذي لا تجود فيه مكاييل ولا معلبات حسب الطلب يعتمد على حاسة المرأة وخبرتها وذكائها، وكذلك طريقة خلط المواد ونسب كل منها لكي تعطي الطعم والجودة اللازمين هي خبرة وموهبة، فبعض النساء بارعات في ذلك جداً ومشهورات بلذة طعامهن. حرص عائشة الشامسي على حفظ تقاليد المجتمع وأساليبه في الطبخ وغيره، دعاها إلى التعاون مع الباحثين وتزويدهم بروايات قيمة عن ذلك الزمن، وكذلك مع إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام حتى أصبحت فاعلة في تظاهرة أيام الشارقة الثراثية، حاضرة فيها بمرويتاتها، ومعروضاتها التراثية، وقد كرمتها إدارة التراث في الدورة الأولى من دائرة يوم الراوي في عام 2001.