×
محافظة المدينة المنورة

التوسعة والازدهار الاقتصادي

صورة الخبر

انطلق مؤتمر الرياض لإنقاد اليمن في المملكة العربية السعودية في اليوم الأخير لهدنة الأيام الخمسة، فيما كان صدى المواجهات المسلحة تُسمع في أنحاء متفرقة من اليمن، وعلى الرغم من محدودية تلك المواجهات، غير أنها تشتعل في مواقع ذات دلالات جغرافيا واجتماعياً وسياسياً وجهوياً، الأمر الذي ترك ويترك أثراً بالغاً في المشهد اليمني العام . المناطق الملتهبة مثل عدن وتعز والضالع ثم لحج وأبين، وتتبعها على نحو محدود شبوة ومأرب، يصعب على الأهالي فيها التعاطي مع مؤتمر الرياض على نحو إيجابي، لجهة الخلاص من تداعيات الأزمة، خاصة في مدينتي تعز وعدن، اللتين تواجهان عدواناً وحشياً من قبل مليشيا جماعة الحوثي وعسكر الرئيس المخلوع علي صالح . مضى مؤتمر الرياض ومناطق عديدة في جنوب اليمن تعيش تحت سيطرة عسكرية لقوات صالح والحوثي المتمردة، فيما تسعى باستخدام القوة المفرطة لإخضاع مناطق أخرى، ولولا المقاومة الجنوبية الشعبية في منطقة كالضالع وأجزاء كبرى من عدن، لفرضت سيطرتها مبكراً وكذلك الأمر في أبين وشبوة، أما جبهة القتال المشتعلة في أجزاء من مأرب فتأخذ بعداً قبلياً ملحوظاً، فضلاً عن الحضور المسلح لتجمع حزب الإصلاح في مواجهة الحوثيين . وفيما يبدو الوضع الميداني في اليمن بهذه النتيجة من "اللا حسم" يبرز مؤتمر الرياض متكئاً على ما حققته العمليات العسكرية لعاصفة الحزم وإعادة الأمل والمقاومة الشعبية ضد قوات التمرد، بالمقابل استمرت تلك القوات في تماديها وخرقها للهدنة الإنسانية، في تسابق بين الطرفين على كسر العظم في مدينة تعز ومقاومة مستميتة في مدينة عدن، تتضاءل قدرتها، لشحة الدعم وللحالة المزرية لأهالي المدينة المنكوبة وبطء وصول المساعدات الإنسانية إليها . منذ البداية كان واضحاً أن مؤتمر الرياض يمضي إلى تعزيز جبهة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي عمد بفريقه المتواجد في الرياض إلى استقطاب أكبر عدد ممكن إلى جانب الشرعية من الساسة ورجال القبائل والإعلاميين، وهو الأمر الذي أدى إلى تآكل جبهة المتمردين أو بالأحرى أنصار صالح، خاصة بعد أن تنصل عدد ممن كانوا مقربين منه، عنه وعن تحالفه مع جماعة الحوثيين، ليأخذ الأمر بعداً سياسياً بالتصريح أن صالح لم يعد صالحاً لقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي تمثل بحضور قيادات منه في مؤتمر الرياض وأبرزها القيادي البارز في حزب المؤتمر د .أحمد عبيد بن دغر، كما أن الأمر أخذ بعداً قبلياً تمثل في خروج الشيخ ناجي الشائف وغيره عن دائرة صالح المقربة . إعادة اصطفاف جبهة الشرعية في مؤتمر الرياض، بكل مخرجاته، يرسم الصورة التي يُراد لليمن أن يكون بها في المستقبل القريب، من وجهة نظر طرف أو أطراف في الصراع، بدعم إقليمي خليجي دولي، وهي الصورة التي ترتسم ملامحها بإعلان وثيقة الرياض، غير أنها ستكون مقابل صورة أخرى يحتفظ بها رموز التمرد على الشرعية، الذين حتماً سيدخلون في تفاوض لاحق مع الشرعية، وفقاً لتوجه مجلس الأمن بعقد مؤتمر حوار بين أطراف القتال والنزاع في اليمن، حيث لا يمكن إقصاء جماعة الحوثي وحزب المؤتمر عن أي تفاوض، ولكن على أساس الحجم الطبيعي للجماعة وبعد التخلي عن السلاح، والمآل الذي سيكون عليه حزب المؤتمر بعيداً عن صالح الذي يواجه انشقاقاً واضحاً . وحتى يحين موعد تفاوض مفترض وفي ظل عدم حسم الصراع عسكرياً على الأرض، يعيش اليمنيون حالة توجس من استمرار القتال أو الخوض في جولة حرب ثانية، تتخذ لها أبعاد أخرى وميادين جديدة على الأرض، وللأسف كل مقومات هذه الاحتمالات متوافرة، في ظل تعنت حلف صالح والحوثي ورفضهم الانصياع لقرار مجلس الأمن رقم 2216 . تحدث الكثيرون عن إمكانية حرب برية تنطلق من السعودية إلى محافظة صعدة، في حين المطارح القبلية في محافظة الجوف الحدودية مع السعودية والمجاورة لمحافظة صعدة مستمرة في استقبال مسلحي القبائل، وفي هذا السياق يقول شيخ قبلي من صنعاء إن مشائخ ورجال قبائل في انتظار أن تميل الكفة أكثر لصالح "الشرعية" لتقف ضد حلف صالح والحوثيين، وقد يكون الأمر مسألة وقت لا غير . وليس من المستبعد ان تكون العاصمة اليمنية صنعاء مسرحاً للاقتتال، إذا ما تغيرت موازين القوة العسكرية على الأرض في ظل استمرار حلف صالح والحوثي بمغامراتهم في تحدي الإجماع الوطني والإقليمي والدولي، خاصة وأن جماعة الحوثي ومنذ ما أسمته ب"إعلان الدستوري" لم تنشئ سلطتها وفقاً لهذا "الانقلاب" أو ما تسميه "ثورة 21 سبتمبر"، عندما اقتحمت صنعاء واستولت عليها بعون عسكري وأمني من صالح، وظلت منذاك تحكم بسلطة القوة الجبرية، فيما تقول إنها تستعين بما تبقى من الحكومة السابقة في صنعاء . ويذهب البعض الى احتمال ان يتصدع حلف صالح والحوثي بسبب خضة عسكرية او سياسية، وقد يكون ذلك من تداعيات مؤتمر الرياض، اذا ما نجح في مد أثره سياسياً أو عسكرياً الى الميدان، وحينها من المرجح أن تكون صنعاء مسرحاً لمعركة الاستيلاء على المركز بين طرفي النزاع والقتال في اليمن . مع نهاية يوم الأحد الماضي سقطت رهانات الجميع في إمكانية مد الهدنة الانسانية، غير ان ما تحقق خلال الأيام الخمسة من الهدنة الأولى المعلنة، هو فتح الطريق امام معابر آمنة للمساعدات الاغاثية في مطار صنعاء وميناء الحديدة وميناء مصفاة عدن، على الأقل حتى منتصف الأسبوع . لم تسهم الهدنة ايجاباً في الوجهة السياسية، بل ان قوات صالح ومليشيا الحوثي استمرت في عملياتها العسكرية، خاصة في المناطق الجنوبية وتعز في الوسط، وهو المؤشر الذي يخلق الانطباع بان وجهة الحل العسكري مازالت قائمة، حتى ما بعد مؤتمر الرياض . وبالتزامن مع التحضير لمؤتمر إنقاذ اليمن بالرياض كان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد شيخ أحمد في العاصمة اليمنية صنعاء قبل أن يلتحق بمؤتمر الرياض يلتقي بأطراف في النزاع اليمني، ليكشف بعدها عما وصفه "اتفاق مبدئي" على إجراء مفاوضات بين الأطراف المتنازعة أواخر شهر مايو/أيار الجاري، تحتضنها الأمم المتحدة بصيغة مؤتمر دولي في جنيف . وما بين مؤتمر الرياض الخاص برموز الشرعية والمؤتمر الدولي المفترض في جنيف للتفاوض والحوار السياسي، يترقب اليمنيون الخطوات المقبلة لأطراف النزاع، والتي ستوجه بوصلة الحل، إما إلى وجهة الحل السياسي بالتفاوض أو وجهة الحل العسكري بحسم المعركة على الأرض .