اتخذ المجلس العسكري الحاكم في تايلند، أمس، قرارين أثارا تساؤلات حول مدى جدية الوعود التي كان قدمها بالعودة إلى الديمقراطية. وهذان القراران هما تأجيل الانتخابات العامة ستة أشهر على الأقل، ومنع رئيسة الوزراء السابقة ينغلوك شيناواترا من السفر إلى الخارج التي شددت على براءتها خلال انطلاق محاكمتها أمس. وقال ويسانو كريا - نغام، نائب رئيس الوزراء، الذي عين بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي للصحافيين، إن الانتخابات «ستجري في أغسطس (آب) أو في سبتمبر (أيلول) 2016» لإتاحة المجال أمام إجراء استفتاء على الدستور الجديد للبلاد. ويعد هذا تراجعًا عن الموعد السابق الذي حددته الحكومة للانتخابات وهو فبراير (شباط) 2016. ويتعرض المجلس العسكري لضغوط محلية ودولية منذ استيلائه على السلطة لإجراء الانتخابات التي يقول إنها لا يمكن أن تجري إلا في ظل دستور جديد. وأوصت لجنة عينها المجلس العسكري لصياغة الدستور بإجراء استفتاء حتى يكون للشعب القول الفصل بشأن النص الذي يستهدف إعادة الحكم الديمقراطي في البلاد. ويقول منتقدون، إن الهدف هو إبعاد أسرة شيناواترا ذات النفوذ عن السياسة. وأُجبرت ينغلوك على الاستقالة العام الماضي بعد أن أدانتها المحكمة الدستورية باستغلال سلطتها. وبعد أسابيع قام الجيش بانقلاب أطاح بفلول حكومتها من السلطة. ومع انطلاق محاكمة ينغلوك أمس، تجمع عشرات المتظاهرين أمام المحكمة العليا في بانكوك تعبيرًا عن دعمهم لها، وهم يهتفون: «ينغلوك دافعي عن نفسك!». ورأى مراقبون أن هذه المظاهرة الشعبية تمثل تحديًا للمجلس العسكري الحاكم، خاصة بعدما تم حظر التجمعات الشعبية رسميًا. وقالت رئيسة الوزراء السابقة: «أنا بريئة، وآمل أن تكون المحكمة عادلة»، دافعة بذلك ببراءتها من تهمة الإهمال في برنامج حكومي باهظ الثمن لدعم زراعة الأرز شابه فساد، كما يقول معارضوها. وقد يحكم على رئيسة الوزراء السابقة بالسجن عشر سنوات. وقالت ينغلوك إنها تستبعد الفرار من البلاد للتهرب من القضاء كما فعل شقيقها تاكسين شيناواترا الذي شغل منصب رئيس الحكومة في السابق أيضًا. وقد اختار المنفى لتجنب حكم السجن لسنوات بتهمة الفساد بعد انقلاب عليه في 2006. وبينما كانت شقيقته تؤكد براءتها، شدد الملياردير، من العاصمة الكورية الجنوبية، على أهمية استقلال القضاء، لكنه تجنب الحديث عن مصير شقيقته بشكل مباشر. وقال تاكسين أمام منتدى لمستثمرين في سيول في خطوة نادرة يتحدث فيها علنا، إن «مفتاح الإدارة الرشيدة والديمقراطية هو إيجاد توازن بين فروع السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية». وأكد شيناواترا الشرطي السابق الذي صنع ثروته من قطاع الاتصالات: «يجب احترام القانون، إنه مكسب مهم جدًا لمصداقية كل بلد». وأضاف: «في كل بلد هناك مجتمعان: الأغنياء والفقراء، الذين لديهم فرص والذين لديهم فرص أقل»، طارحًا بذلك من جديد الحجج التي سمحت له بالفوز في الانتخابات في مطلع الألفية، وخصوصًا في الأرياف الفقيرة في شمال وشمال شرقي تايلند. وقال تاكسين العدو اللدود للنخب التقليدية في مملكة تايلند: «علينا القضاء على الفقر، وخصوصًا في الدول الناشئة، من أجل الإتاحة للشعب اختيار السياسيين الأخيار والاحتفاظ بديمقراطية جيدة». ويرى محللون أن محاكمة ينغلوك شيناواترا تشكل الضربة الأخيرة لهذه العائلة التي تهيمن على الساحة السياسية التايلندية منذ 15 عامًا على الرغم من استياء النخب المحافظة المتشددة. وقال بوانغثونغ باواكابان، الخبير السياسي في جامعة شولالونغكورن في بانكوك، إن «جناحًا من صقور النظام السابق يريد إنزال أقسى عقاب بشيناواترا، لكن وضعها في السجن لن يؤدي سوى لزيادة غضب القمصان الحمر»، في إشارة إلى الحركة الشعبية القوية المؤيدة لشيناواترا والتي تلتزم منذ انقلاب 22 مايو أوامر قادتها بالامتناع عن الخروج إلى الشارع والتزام الهدوء. وبعد الجلسة القصيرة الأولى أمس، حدد موعد الجلسة المقبلة في 21 يوليو (تموز) المقبل. وبين الجلستين ستبقى حرة بعد دفعها كفالة قدرها 30 مليون بهت (780 ألف يورو). لكن سيكون عليها أن تطلب تصريحًا بمغادرة الأراضي التايلندية لأي رحلة إلى الخارج.