طالبت نخب تربوية وأولياء أمور بسن تشريعات قانونية رادعة تصل إلى حد الفصل، للهيئات التدريسية التي تقدم دروساً خصوصية وتروج لها بشكل علني فاضح دون أدنى خوف. وذكروا أن الظاهرة تستفحل قبيل بدء الامتحانات النهائية من كل عام دراسي، حيث يصل أجر الحصة إلى قرابة 600 درهم، مهيبة بالجهات المختصة عدم إفساح المجال لمثل هذه الممارسات، وتشديد الرقابة عليها. وقالوا انه رغم وجود ضوابط تمنع التربح من خلال الدروس الخصوصية، الا ان وتيرتها تزداد في مواسم الامتحانات وبين صفوف طلبة المدارس الخاصة التي تتبع المنهاج الأجنبي تحديداً، حيث بدأت كالعادة تظهر الإعلانات الخاصة بتقديم خدمة الدروس الخصوصية في البيوت عبر الصحف المحلية وواجهات الأبراج السكنية وأعمدة الانارة وجدران المنازل والمدارس، ولم تقتصر سبل الترويج على الشكل التقليدي، انما تعداه الى توظيف التكنولوجيا لخدمة مآرب تلك الفئة الاستغلالية، حيث يدرج المعلم اسمه ورقمه على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا الى اكبر عدد من الزبائن المتوقعين. حصص تقوية من جهتها حثت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي المدارس الخاصة على المبادرة بتنظيم حصص تقوية في مختلف المواد الدراسية لمواجهة الدروس الخصوصية. وقال محمد أحمد درويش، رئيس النظم والتصاريح في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي إن هيئة المعرفة والتنمية البشرية تحث جميع المدارس الخاصة، على أخذ زمام المبادرة واستحداث برامج تقوية لدعم للطلبة الذين يحتاجون إلى مساعدة في أي من المواد الدراسية في إطار المدرسة. واكد أن قيام المدرسة بواجباتها تجاه طلبتها يؤكد التزامها ورغبتها الجادة في مساعدتهم والأخذ بيدهم نحو النجاح، كما أنه يخفف من الظواهر السلبية التي تنتشر خلال فترة الامتحانات من كل عام دراسي. المعلم المتميز من جهته أكد سعيد مصبح الكعبي رئيس مجلس الشارقة للتعليم، رفض المجلس ومحاربته لظاهرة الدروس الخصوصية، بل والسعي الى تضييق الخناق على الفئة التي تتربح من ورائها، مضيفاً ان الهيئات التدريسية ينبغي لها ان لا تتعامل مع الطالب كسلعة تحقق ارباحا، فالطالب هو مستقبل امة بأكملها، عازيا انتشار الظاهرة الى غياب المعلم المتميز وتدني الراتب الذي يتقاضاه المدرسون في بعض المدارس الخاصة والذي يصل الى ثلاث وأربع آلاف، ما يجعله يبحث عن سبل اخرى لرفع مستوى معيشته والايفاء بمتطلباته الحياتية. بدورهم؛ طالب أولياء الأمور، المدارس الخاصة بعمل حصص تقوية على مدار العام، اسوة بالمدارس الحكومية مقابل مادي رمزي تحت اشراف المدرسة، معتبرين أن هذه الحصص ستصب في صالح المدرسة والطالب وولي الأمر معا، فيما اكدت ادارات المدارس استعداداتها التامة لامتحانات الفصل الدراسي الثالث للعام الحالي، واخذت تدابيرها لإنهاء المناهج في وقت مبكر ليتسع الوقت للمراجعة أمام الطالب والمعلم. وقد انتهت الحلقة الأولى من مناهجها وبدأت عمليات المراجعة لتبدأ امتحاناتها الشفهية في 24 من الشهر ذاته في معظم مدارس دبي. رفض مطلق وأكد جهاد حبيب رئيس مجلس إدارة مدرسة نبراس الدولية رفضه المطلق لما يسمى بالدروس الخصوصية معتبرا اياها استنزافا لجيوب أولياء الأمور من جهة ووسيلة لتدمير التركيز وملكات الذكاء عند الطلبة من جهة أخرى. وقال إن بعض الأسر يعتمدون على المدرس الخصوصي في فترة الامتحانات الذي يقوم بحشو كميات هائلة من المعلومات في ذهن الطالب، في فترة قياسية، ما يخلق نوعاً من البلادة وعدم الفهم وتشتيت التركيز لديه، نظرا لمحاولته حفظ معلومات تم تلقينها بهدف حفظها عن ظهر قلب لحين تقديم الامتحان، مضيفا أن هذه الطرائق من التعليم تحد من توجهات الدولة نحو الاساليب الحداثية التي تهدف الى أن يتعلم الطالب مهارات ويكتسبها طول حياته وليس لفترة آنية لا تفيده في حياته ولا تؤثر على مساره. وأكد حبيب حرص المدرسة على عقد دورات تقوية للطلبة الذين لم ينعم عليهم الله بملكة الذكاء والفطنة كي يتم تحفيزهم وتنويرهم دون اي مقابل، مستدركا أن هذا الأمر جزء من التزامنا تجاه طلبتنا. الاستعداد بهدوء ودعا حبيب أولياء الأمور الى الاستعداد لموسم الامتحانات بروية وهدوء دون قلق أو تحويل المنزل الى حالة طوارئ، مشددا على أهمية محاربة ما يسمى بـفوبيا الامتحان، اذ ان المذاكرة اليومية والمركزة هي الحل الأفضل وليس تخويف الطالب وزرع القلق في قلبه الصغير. وقال صلاح شرارة مدير مدرسة دبي الدولية، ان معظم المدارس الخاصة اصبحت تتنبه لمحاربة تلك الظاهرة التي قد تؤثر على الطلبة بالسلب في حال توجهوا للملخصات التي قد تضر بهم ولا تفيدهم بشيء، وبدأت بتطبيق حصص تقوية من قبل المدرسة، حيث تقوم المدرسة بفتح باب الالتحاق لحصص التقوية من بداية العام في عدد من المواد، والراغب بالالتحاق يقوم بتسجيل اسمه ودفع رسوم زهيدة وتنفذ الحصص عقب نهاية الدوام المدرسي تحت اشراف الإدارة المدرسية، واعتبر ان هذه الوسيلة انسب وسيلة للقضاء على الدروس الخصوصية. وطالب يعقوب الحمادي اختصاصي اجتماعي في مدرسة الشهباء للتعليم الأساسي حلقة ثانية، بوجود تشريع قانوني لفصل المعلم الذي يقدم دروسا خصوصية، معتبراً هذا الحل شافياً، ويجتث الظاهرة من جذورها، عوضا عن حلول غير مجدية للآفة، كما دعا الى رفع مكانة المعلم اجتماعيا وماديا لاسيما في المدارس الخاصة. ولم يكن المعلم وحده في موضع اتهام بالنسبة لجمانة أبو شمسية ادارية في مدرسة راشد الصالح الخاصة بالشارقة ومشرفة طالبات، فقد أضافت إلى تلك الدائرة ولي الأمر والطالب نفسه، حيث اسهم كل منهما في انتعاش الدروس الخصوصية، بل وعدم استغناء الأسر عنها خاصة قبيل فترة الامتحانات. تجار أرجع علي الحوسني مدير المدارس النموذجية في الشارقة، انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية الى غياب الضمير المهني لدى بعض الهيئات التدريسية، التي تسعى إلى التربح من خلال العمل في الفترة المسائية كمدرسين خصوصيين في المنازل. وأشار الى ان الأهالي شركاء في زيادة حدة الظاهرة، بالسماح لهذه الفئة من المعلمين التجار باستغلالهم وسرقة ما في جيبوهم، مؤكدا أن الضرب على يدي هذه الفئة بالعقوبة المناسبة، هو الحل الأمثل لتطويقها، اضافة إلى رفع سقف الوعي لدى الأهالي بعدم المشاركة وتشجيع هذا السلوك اللامهني واللاأخلاقي. أولياء أمور ينشئون صفحة عبر فيسبوك لتبادل أرقام المعلمين قالت ولية الأمر هبة عثمان، إن أسباب سعي أولياء الأمور وراء الدروس الخصوصية يكمن في صعوبة المناهج وعدم تفوقنا في اللغة الانجليزية بما يواكب مذاكرة أبنائنا لذلك نُفكّر دائماً في البحث عن معلم يقوم بالدور البديل عن اولياء الأمور، خاصة ان الجيل الجديد من الاطفال لا ينصاعون لأوامر اولياء الامور في المذاكرة ولكن يمكن ان يستمعوا لشخص اخر، ومن الممكن ان يكون هذا الشخص هو المعلم. وأفادت بأن الأم تقوم بكامل واجبها تجاه ابنائها في مرحلة الروضة وفي الصفوف الاولى كون المنهاج يكون في صورة مبسطة يمكن تدريسه للطفل، ولكن في الصفوف التالية يصعب مواكبة الدروس، وخاصة ان جميع المواد باللغة الانجليزية، واصبح المعلم هو الوحيد القادر على مواكبة المادة التعليمية في ظل صعوبة المناهج وتنوعها والذي افرز امتحانات في غاية الصعوبة يعاني منها كثير من الطلبة. فيسبوك وأضافت ولاء عمرو، أن أولياء الأمور أنشأوا صفحة على فيسبوك لتبادل أرقام المعلمين وكتابة تخصصاتهم والمناطق التي يمكن للمعلم أن يعطي فيها دروساً، لتسهيل عملية الحصول على الأرقام، مشيرة إلى ان الدروس الخصوصية لم تعد ظاهرة سلبية كونها تعود بالفائدة على ابنائنا الطلبة، خاصة انه لا بديل عنها. واعتبرت أن طلبة المدارس الخاصة هم اكثر الطلبة الذين ينساقون وراء الدروس الخصوصية، بفعل صعوبة المناهج المقدمة للطلبة وخاصة النظام البريطاني والبكالوريا الدولية، والأميركي، كون اللغات المسيطرة على المناهج الانجليزية والفرنسية. حصص التقوية واعتبرت ريهام الطيار إحدى وليات الأمر المتابعات للعملية التعليمية باهتمام، أن حصص التقوية وجه آخر للدروس الخصوصية، ولكن بأقل تكلفة، موضحة انه على ادارات المدارس ان تحل الخلل الذي يحدث أثناء الحصة حتى يتمكن الطلبة من نيل حقهم في التعليم والمعلومات بشكل كامل، وحتى يتمكن المعلم من مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة داخل الصف. وتحدثت عايدة كمال، ولية أمر، عن تجربتها مع احدى المدارس الخاصة، وقالت كان لدي توأم في الصف الثاني عشر العام الماضي في إحدى المدارس الخاصة، وقد عرض علي مدرسون في المدرسة الحضور الى المنزل لشرح المادة واستيفاء كل جوانبها، وبالفعل حضروا بالتناوب، لافتة الى انها كانت تدفع ما يقارب 400 درهم في الحصة الواحدة، وليلة الامتحان لمادة الفيزياء وصل لهيب الأسعار الى 700 درهم في الساعة. واعتبرت صعوبة المناهج وعدم مقدرتهم على مواكبة أبنائهم في الدراسة، دافعاً للجوء إلى الدروس الخصوصية وخوفهم على مستقبل أبنائهم. الطالب أم المعلم قال أحد المعلمين إن الطلبة هم الذين يلجؤون للدروس الخصوصية، لأنهم ببساطة لا ينتبهون إلى الحصص وما يدور فيها، وإن المعلم بريء من كافة الادعاءات المحطية به، بشأن ابتزاز الطلبة للتوجه نحو الدروس الخصوصية، مؤكدا أن الطلبة من يعتبرون تشدد المعلم داخل الصف ابتزازاً لهم لدفعهم إلى طلب الدروس الخصوصية، وتلك مشكلة الطالب وليس المعلم.