قرر المصرف المركزي العراقي للمرة الأولى في تاريخه فتح خزائنه، وبدء إقراض المصارف الحكومية القطاعية والأهلية مبلغ 5 بلايين دولار. ويأتي هذا القرار تجاوباً مع طلب البرلمان الذي أبدى تخوفاً من ركود هذه المؤسسات «المقلق»، بعد توقف نشاطها المحصور بمزاد العملة الصعبة الحكومي العائد إلى المصرف المركزي. وأوضح محافظ المصرف علي العلاق، أن «في إمكان المصرف المسؤول عن إدارة السياسة النقدية، التدخل في حالات الأزمات المالية والنقدية بهدف الحفاظ على استقرار السوق المحلية وسعر صرف العملة، وتمتين الهيكل المصرفي للدولة الذي يُعد أحد أهم القطاعات بعد النفط». ولفت في تصريح إلى «الحياة»، إلى أن وزارة المال «مترددة في تنفيذ الإجراءات (15) الصادرة عن اللجنة الاقتصادية العليا التابعة لمجلس الوزراء بهدف تفعيل عمل المصارف الأهلية، ومن أبرزها إعادة السماح للوزارات العراقية بفتح حسابات لها في هذه المصارف، نتيجة التلكؤ الواضح في عدد قليل منها». لذا «بات ضرورياً التدخل لإنعاش هذا القطاع». وأعلن إقراض المصارف القطاعية الحكومية «5 تريليون دينار (4.8 بليون دولار)، وتشمل «المصرف الزراعي» و»الصناعي» و»الإسكان» و»العقاري». فيما أُقرضت المصارف الأهلية بليون دولار، بهدف إدارة عجلتها وتمكينها من النهوض بواقعها». ورأى أن «استغلال هذه القروض في مشاريع استثمارية سيعود عليها بفائدة كبيرة». وأشار رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية جواد البولاني، إلى أن مصارف كثيرة «وجهت نداء استغاثة إلى البرلمان، أعلنت فيه دخولها في دوامة الركود والقلق من المستقبل، بعدما تبنّى المصرف المركزي سياسات جديدة للحد من عمليات تبييض الأموال وتهريبها إلى الخارج، فحصرت عملية التحويل المالي به إضافة الى التشديد على عمليات الاستيراد». وأكد أن اللجنة النيابية «مسؤولة عن ملف الاستثمارات وإدارة عجلة الاقتصاد»، موضحاً أن «أي تلكؤ يعوّق قطاعاً معيناً وتحديداً القطاع المصرفي، يُجبرنا على التدخل لمنع حدوث إرباك، فضلاً عن البحث دائماً عن باب جديد لزيادة الدخل القومي عبر الاستثمار». واعتبر أن «استثمار 5 بلايين دولار في السوق العراقية، سيفيد الاقتصاد بكل قطاعاته». ويعاني العراق أزمة مالية كبيرة نتيجة انخفاض قيمة البترول في الأسواق العالمية، ما تسبب برفع نسبة العجز في الموازنة لهذا العام إلى 22 بليون دولار. ولفت العلاق إلى أن «الأولوية في إقراض المصارف الأهلية ستُعطى لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل في اقتصادات دول كثيرة نسبة 80 في المئة من الناتج»، موضحاً أن العراق «عاجز حتى الآن عن طرق باب المشاريع أو الشركات الضخمة، لذا بات مهماً ترسيخ ثقافة هذا النوع من المشاريع». وقال إن معدل الفائدة سيكون «رمزياً». وكشف عن قرب صدور ورقة نقدية من فئة 50 ألف دينار (40 دولاراً)، لتقليص حجم النقد في التداول. فيما فضل الخبراء تأجيل إصدار ورقة أخرى من فئة 100 ألف إلى العام المقبل، تحسباً لأحداث خلل في استقرار أسعار صرف الدينار». وعن مساعي المصرف المركزي لحذف ثلاثة أصفار من العملة العراقية، رأى أن الأوضاع الحالية «غير ملائمة» لأنّ «خطوة مهمة كهذه تحتاج إلى استقرار أمني وسياسي وسيطرة القانون على الأرض العراقية كاملة». وبالنسبة إلى التعليمات التي طبقها «المركزي» للسيطرة على عملية التحويل المالي بين المحافظ، لفت العلاق إلى «اللجوء لنظام يفرض على المصرف وضع تأمينات بنسبة 5 في المئة من المبلغ المحوّل إلى الخارج، ونحولها بدورنا إلى وزارة المال والجمارك». وأعلن أن هذه العملية «حققت عائداً لخزينة الدولة تجاوز 227 بليون دينار بعد شهرين فقط من تطبيقه». وتوقع أن «تتخطى العائدات من رسوم الاستيراد 12 بليون دولار نهاية العام الحالي». وعن مصير شركات الصيرفة، أكد العلاق أن أعمالها «توقفت تقريباً بعد توقف معظم دول العالم عن التعامل بحوالات الدولار، ليقتصر الأمر على مصارف كبيرة». وأشار إلى أن هذه الشركات «طالبت بتحويلها إلى مصارف إسلامية، ووافق «المركزي» على طلبها بهدف الاستفادة من رؤوس أموال هذه الشركات ضمن القطاع المصرفي». واعتبر أن مشكلة خروج الأموال من العراق بطرق غير رسمية «ناجمة عن تعمد عدد كبير من التجار شراء الدولار من السوق واستعماله، خوفاً من إدراج تعاملاتهم للتحاسب الضريبي، وهنا تبدأ عمليات خروج الأموال». وذكر أن «حجم العملة المتداولة في السوق تبلغ حالياً 39 بليون دولار». واستناداً إلى تقارير مصرفية حصلت «الحياة» على نسخة منها، «حققت المصارف التجارية أرباحاً صافية بلغت 1.6 تريليون دينار (1.3 بليون دولار)، 56 في المئة منها لمصلحة المصارف الحكومية». كما زادت قيمة معظم رؤوس أموال المصارف لتبلغ 7.6 تريليون دينار للمصارف الحكومية، و6.2 تريليون للأهلية، منها 23 في المئة سجلت لمصلحة المصارف الإسلامية التي وصفت بالخاملة». وبلغ مجموع موجودات المصارف التجارية 227.5 تريليون دينار، والأجنبية في المصارف العراقية والتي زادت بفعل ارتفاع النشاط التجاري والاستثماري والمشاريع المنفذة من الشركات الأجنبية في العراق، أكثر من 22 تريليون دينار ( 20 بليون دولار).