الأندية الكبيرة لا يتوقف عطاؤها وطموحها عند الفوز بلقب مهما كان كبيرا، وحتى وهو يحافظ على بطولة الدوري بتحقيقه للمرة الثانية على التوالي عن جدارة واستحقاق تبدو الجماهير النصراوية أكثر اهتماما باستمرار تفوق فريقها، وحثّ لاعبيه على بلوغ نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، التي فرط بها الموسم الماضي، بعد دخوله معتركها بروح لم توازِ تلك التي ظهر بها نجومه طوال الموسم، وكان بالإمكان أن يخرج بطلا للبطولات الثلاث، والبطولة الغالية التي سيرعى ختامها الملك سلمان-حفظه الله- هي هدف مهم للهلاليين والاتحاديين للخروج بلقب يرضون به جماهيرهم؛ أما النصراويون فلا بد أن الاستفادة من درس العام الماضي يكون داعما لحضور قوي تتلاشى معه تأثيرات الفرح بلقب الدوري. بعد أن شاهدت الأوروغوياني ديسلفا يحمل كأس الدوري بفرحة عارمة تذكرت مواطنه كارينو، قدم الأخير عملا مميزا، وكانت علاقته باللاعبين رائعة فقاد النصر لبطولتين، هاتان البطولتان كانتا كفيلتين باستمرار كارينو بتجديد عقده مباشرة من قبل إدارة النصر، لكن الأمور سارت في طريق مغايرة، كارينو لم يستمر، والفريق بدأ رحلة الحفاظ على اللقب بإشراف الإسباني كانيدا المختلَف عليه، ربما كانت نتائجه جيدة لكن المستقبل لم يكن مطمئنا. وحين اتخذت إدارة الأمير فيصل بن تركي قرارا بإقالة الإسباني على الرغم من تصدر الفريق حينها، مع مستويات ونتائج محرجة مع فرق صغيرة، ثم تعويضه بديسلفا صاحب التجربة السابقة المميزة وإن خلت من البطولات مع النصراويين 2009، بعثت الإدارة النصراوية رسالة مهمة للمنافسين بأن الصدارة لا بد أن تكون مقرونة بأداء فني ممتع، ونتائج أقوى، وديسلفا بالفعل قاد النصر باحترافية عالية، تعامل مع الظروف العصيبة التي مرّ بها الفريق في الدوري، وفي دوري أبطال آسيا بطريقة ممتازة، ليس من السهل أن تفقد لاعب محور هو الأفضل في السعودية كإبراهيم غالب وسط احتدام المنافسات، ولا أن تخسر لاعبا مهاريا كالفريدي، الإصابتان كانتا مؤثرتين من الناحية المعنوية بدرجة لا تقل عن التأثير الفني، كما أن عدم الاستفادة المثلى من الأجانب باستثناء البولندي أدريان يعدّ عاملا مقلقا في ظل استفادة الآخرين بصورة أكبر، ولذا فإن ما قدمه ديسلفا ولاعبوه المواطنون، والإضافات التي أحدثها البدلاء في أوقات متفرقة، والنهاية السعيدة التي آلت إليها بطولة الدوري تؤكد أن الجهاز الفني نجح بامتياز، بل إن ديسلفا هو أفضل مدرب في الدوري السعودي بمشاركة مدرب الأهلي جروس، وإذا ما علمنا أن الاستقرار الفني مهم جدا، ويساهم في الإعداد الجيد للموسم المقبل، فضلا عن معاناة الأندية في البحث عن مدربين متميزين يخوضون تجارب جديدة، وما نتابعه من تغييرات مستمرة، فإن المبادرة لتجديد عقد ديسلفا ضرورة ملحة، لتبدأ مباشرة رحلة البحث عن ثلاثة عناصر أجنبية ينضمون لأدريان، وهو ما سيضمن حضورا أفضل الموسم الجديد؛ خصوصا وأن الأمير فيصل بن تركي أكد هذه المرة أن البطولة الآسيوية ستكون من أولويات النصر.