كشف خبراء في أسواق النفط والاستثمار في الطاقة في بريطانيا والشرق الأوسط أن أسعار النفط في مستوياتها الحالية غير مستدامة، وأنها ستبدأ في التعافي في الأشهر المقبلة، كما أكدوا أن نموذج النفط الصخري الأميركي مبني على أسس ضعيفة. وقال بول هورنسل رئيس قسم أبحاث السلع في بنك «ستاندرد تشارترد»، لـ«الشرق الأوسط» إن صناعة النفط الصخري الأميركي اكتسبت مكانة مهمة في أسواق النفط بفضل عاملي الائتمان الرخيص وتدفّق السيولة. كما استبعد هورنسل قدرة شركات النفط الصخري على مواصلة الإنتاج، في ظل انخفاض أسعار النفط حيث تتساوى فيها التكلفة والعائد. ويؤكد هورنسل: «هذه ليست ثورة نفطية كما يعتقد البعض، بل بدأنا نرى ثغرات صناعة النفط الصخري، حيث أقيل نحو 100 ألف موظف من عملهم في أميركا وحدها». وجاءت تصريحات هورنسل على هامش ندوة تناولت أهم التغييرات التي شهدتها أسواق النفط العالمية، نظّمتها جمعية المصرفيين العرب بالتعاون مع الغرفة التجارية العربية البريطانية في لندن، في محاولة للإجابة عن كيف تنعكس التطورات الاقتصادية والجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط على أسواق النفط العالمية؟ واختلف المشاركون في جلسة النقاش التي شملت خبراء في مجال النفط ووزير طاقة بريطانيا سابقا على اتجاه الطلب، وما إذا كانت الصين ستحافظ على مستويات الطلب نفسها على النفط والغاز، أو أنها ستنخفض في السنوات المقبلة. ويقول اللورد هاورد غيلدفورد وزير الطاقة في حكومة مارغريت ثاتشر، ورئيس مجلس شركة كريستول إنيرجي، إن «الصين تتبع نموذجا صناعيا مختلفا عن النموذج الأميركي، ومن المحتمل أن تخفض طلبها على النفط والغاز، مسببة فائضا في الإنتاج وانخفاضا أكبر للأسعار». وتابع اللورد: «مع تحقق هذا السيناريو، قد نجد أنفسنا أمام أزمة شبيهة بتلك التي وقعنا فيها في الثمانينات، والتي اضطر خلالها أكبر المنجين لخفض إنتاجهم بالملايين من البراميل». أما بول هورنسل فيرى أنه «من غير المرجح أن ينخفض الطلب الصيني على النفط في السنوات المقبلة. بل إن العكس قد يحصل، خصوصا أن شانغهاي تسعى إلى الابتعاد عن الاعتماد على الفحم في نموذجها الصناعي». كما شدّد أن وضع انخفاض الأسعار الشديد الذي يعاني منه قطاع النفط اليوم لا يشبه أزمة الثمانينات من القرن الماضي، إذ إن الطلب على النفط والغاز لا يزال في ارتفاع، بفضل مستويات الاستهلاك المرتفعة، كما لم يضطر المنتجين إلى خفض مستويات الإنتاج بشكل جذري. ومن جانبها، تناولت كارول نخلة مديرة «كريستول إنرجي»، أهمية تطبيق برنامج إصلاحات فعلية في القطاع، وخصوصا في الدول المنتجة، لتفادي إعادة أزمات الماضي، كما أكدت على ضرورة الاهتمام بالطاقات المتجددة. وأشار اللورد غيلدفورد في هذا السياق إلى أن تكلفة تطوير الطاقات المتجددة فاقت التوقعات بكثير، بسبب انخفاض أسعار النفط، مما يجعل تطبيقها في الاتحاد الأوروبي غاية بعيدة المنال، في ظل سياسات التقشف المعتمدة.