×
محافظة الرياض

الحوار اليمني بالرياض يبحث التوافق وتشكيل ظهير سياسي للحكومة الشرعية اليوم

صورة الخبر

منذ اعتلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كرسي الرئاسة في بلاده وهو يلح على ضرورة تجديد الخطاب الديني، في إطار جهود مكافحة الإرهاب ومواجهة انتشار أفكار متشددة عقب عزل الرئيس السابق المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي الذي يروّجه إسلاميون لأنصارهم باعتباره «حرباً على الدين». ولا يخلو حديث السيسي من مسحة دينية لافتة، وهو يُظهر قدراً كبيراً من الاحترام لمؤسسة الأزهر وشيوخه، وأنحاز إليهم في معركة طفت على السطح في الأسابيع الماضية، محورها دعوة إلى تنقية كتب التراث الإسلامي وصلت إلى حد مطالبة الإعلامي والباحث إسلام بحيري بحرق تلك الكتب، ما دفع السيسي إلى القول صراحة أن تجديد الخطاب الديني «هو مسؤولية الأزهر» وشيوخه. وبعد تصريحه بأيام توقف برنامج بحيري وتوارى الجدل عن الساحة. لكن السيسي بدا في حديثه الشهري الأخير قبل أيام غير راضٍ عن جهود الأزهر في هذا الصدد. وقال إن «مكافحة الإرهاب تحتاج خطاباً دينياً مستنيراً وخطاباً دينياً مُجدداً يتعامل مع الأفكار المغلوطة والمشوشة، واسمحوا لي أن أقول إن الجهود التي تبذل في تجديد الخطاب الديني حتى الآن ليست على قدر التحدي الموجود... الجهد المبذول حتى الآن ليس كافياً، ونحتاج في هذا الملف تحركاً بسرعة أكبر وبفاعلية أكبر». وبعدما قصر السيسي في تصريحات علنية أعقبها بيان رئاسي مسؤولية تجديد الخطاب الديني على الأزهر وشيوخه، عاد فأكد في حديثه الأخير أن «مؤسسة الأزهر تقوم بهذا الدور ومعها رجال الدين المستنيرون وأيضاً المفكرون المصريون». ويواجه الأزهر هجوماً حاداً من مفكرين وإعلاميين، لكن بدا أنه انتصر في تلك المعركة، خصوصاً بعد إيقاف برنامج بحيري وقبله إقصاء وزير الثقافة جابر عصفور المعروف بعلاقته المتوترة مع الأزهر، وتعيين عبدالواحد النبوي الذي تخرج في جامعة الأزهر خلفاً له. وإذ يقر القائمون على شؤون المؤسسة الدينية في مصر بأن مسألة تجديد الخطاب الديني تحتاج مزيداً من الجهد، إلا أنهم يرون أن مؤسساتهم «ماضية في الطريق الصحيح»، وأن الأمر «في حاجة إلى ضوابط شرعية وعلمية لتنظيمه». ويرعى الأزهر هذا الشهر مؤتمراً عن «التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية» سيُدعى إليه رجال دين من دول عدة. وتعقد وزارة الأوقاف مؤتمراً في 25 الشهر الجاري عن «تجديد الخطاب الديني» تحضره غالبية قيادات وشيوخ الوزارة من ذوي الصلة بشؤون الدعوة في المساجد. ويُظهر المؤتمران تنافساً بين الأزهر والأوقاف لتصدر مشهد «تجديد الخطاب الديني»، إلا أن عضو «هيئة كبار العلماء» في الأزهر محمود مهنا والناطق باسم «المجلس الأعلى للشئون الإسلامية» التابع للأوقاف عثمان محمد عثمان، نفيا ذلك الأمر، ووضعا المؤتمرين في خانة «تكثيف جهود تطوير الخطاب الديني». وقال عثمان إن «الأزهر والأوقاف يعملان في سياق ونطاق واحد لتحقيق هدف واحد، ثم ان وزارة الأوقاف تتبع الأزهر الشريف، وهذا المؤتمر يُعقد برعاية كريمة من الإمام الأكبر (شيخ الأزهر أحمد الطيب)… الأزهر هو المؤسسة الكبرى، ونعمل تحت توجيهات الإمام». وأضاف أن وزارة الأوقاف «مثل الرئيس ترغب في مزيد من الجهد في ما يخص تطوير الخطاب الديني»، لافتاً إلى أن «هذا الجهد مستمر ولا يتوقف وله آليات على الأرض، منها عقد المؤتمرات الإسلامية التي تُعنى بالموضوع وتفعيل توصياتها، وتنظيم قوافل توعية في مناطق نائية، وأيضاً إقرار خطبة الجمعة الموحدة، وغلق الزوايا في صلاة الجمعة حتى يمكن السيطرة على ما يُقال للناس في الخطبة، والسيطرة على المساجد وضبط الدعوة فيها. كل هذا يُعد من ضرورات تجديد الخطاب الديني، وهو أمر قطعت فيه الوزارة شوطاً كبيراً، إذ باتت تسيطر على مساجد الجمهورية كافة ولم يعد يعتلي المنبر إلا من هو أزهري، أو تابع للأوقاف». أما مهنا فلفت إلى أن «مؤتمر الأزهر سيكون عالمياً، ومؤتمر الأوقاف سيغلب عليه الطابع المحلي أو شبه العالمي، وكلنا يعمل في إطار هدف واحد». ورأى أن «موضوع تجديد الخطاب الديني يقتضي جهداً مستمراً، لكن تحكمه ثوابت لا يجب أن يتم بمعزل عنها». وأوضح أن «التجديد لا يمس ثوابت الإسلام، لكن ما علق به مما ليس فيه، كالروايات الهابطة والإسرائيليات الباطلة ولصق الفرق والجماعات بالدين»، موضحاً أن «ثوابت الإسلام قديمة جديدة، فالقرآن والسنة وإجماع الأمة لهم درجة العصمة، ولن يستطيع أحد أن يتدخل في تلك الثوابت، لأنها قديمة كون الوحي وكلام الله والسنة الموحاة من قبل النبي قديمة، أما كونها جديدة فلأنها تراعي حال الأمة منذ عهد الرسول إلى أن تقوم الساعة». وأوضح مهنا أن «هذا المفهوم الجامع هو ما يسعى الأزهر إلى إظهاره من خلال المؤتمرات التي يعقدها، ومنها مؤتمر عالمي سيعقد في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في محافظة أسيوط (في جنوب مصر) سيشهد جهداً كبيراً لنشر ذلك المفهوم في صعيد مصر خصوصاً». ومحافظة أسيوط من مراكز الجماعات الأصولية، خصوصا «الجماعة الإسلامية» التي اتخذت منها منطلقاً لتنفيذ عمليات مسلحة ضد الدولة في الثمانينات والتسعينات. وعن مساهمة المفكرين والمثقفين في مسألة تجديد الخطاب الديني، قال مهنا إن «الأزهر لا يحجر على الفكر، شرط أن يوصف العالم من الأزهر أو غيره بالثقافة العلمية المستنيرة»، مضيفاً أن «من يجد في نفسه الكفاءة لإضافة جديد فليتفضل مشكوراً بأدلته، ونحن لا نمانع ولا نحجر على فكر معين، شرط أن يتفق من القرآن والسنة وإجماع الأمة». لكن مهنا حدد شروطاً تبدو صعبة في من رأى أنه يحق لهم «الاجتهاد» في هذه المسألة، ربما لا تتوافر إلا في دارسي الفروع الدينية، إذ رأى أن «موضوع تجديد الخطاب الديني، وما يستلزمه من اجتهاد لا يقوم به إلا العقل المسلم المثقف المشروط بشروط حددها الشرع، وهي العلم بالكتاب والسنة وحفظ القرآن الكريم ودراسة علوم اللغة العربية ودراسة أسباب النزول ودراسة علم القرآن ودراسة الناسخ والمنسوخ ودراسة المحكم والمتشابه… كل من درس هذه الشروط التي تربو على 40 شرطاً يصح له أن ينظر في القرآن الكريم وأن يستنبط منه ما يراعي عصرنا والعصور المقبلة... وفي الأزهر علماء قدامى ومحدثون استنبطوا من القرآن والسنة ما استنبطه العلماء الأوائل».