ليس دعوة لحفظ الطاقة الكهربائية، ولا لتقليل مقدار فاتورة الكهرباء، بل من أجل هدف آخر توصل إليه بحث جديد نشرته الأكاديمية الوطنية للعلوم في هولندا، تمكن الباحثون من خلاله من زيادة وزن فئران التجارب بعملية بسيطة جدا قد لا تخطر لك على بال، فبمجرد تعريض الفئران لضوء صناعي لمدة 24 ساعة زاد وزنها دون أن تتناول أي حبات زائدة أو مختلفة، مقارنة بالفئران الأخرى التي لم تقم بأي مجهود! الشيء الوحيد والرئيس الذي لاحظه العلماء هو قلة نشاط المادة التي تسمى "الدهون البنية" التي تعمل كمحرقة، يتم بواسطتها حرق الدهون وتحويلها إلى حرارة أو طاقة داخل الجسم! هذا الاكتشاف المذهل قد يفسر الصلة الغريبة بين التعرض لضوء الأنوار الصناعية والسمنة لدى البشر، ويزيد من معرفتنا بالدهون البنية ودورها، ومعرفة سر تمتع البعض بالرشاقة والأوزان الخفيفة، رغم تناولهم كميات كبيرة من الطعام، مع انعدام نشاطهم الحركي، بينما البعض من أقل وجبة يزيد وزنه! يقول "باتريك رنسن" من المركز الطبي في جامعة ليدن في هولندا: على مر السنين وجد العلماء أن هناك علاقة بين العمل في الورديات الليلية والسمنة، وفي دراسة أجريت على 100 ألف امرأة وجدوا أن بدانتهن لها علاقة بمقدار الضوء الذي يتعرضن له أثناء نومهن! والسؤال الآن كيف يحدث ذلك؟ وما علاقة الضوء بتخزين الدهون؟ قد يقول البعض إن الضوء يسبب خللا في النوم، وبالتالي يدفع الشخص إلى تناول كميات كبيرة من الطعام أثناء الليل، ولكن من نتائج الدراسة وجدوا أنه ليس هذا فقط بل تحدث السمنة نتيجة لتأثير الضوء السلبي في "الدهون البنية" المسؤولة عن ضبط درجة حرارة أجسامنا وعمليات الحرق داخل الجسم! تتغير عمليات "الحرق" وتتوقف بسبب الضوء الصناعي، عندما يدخل الضوء إلى داخل الجسم يتسلل إلى منطقة في الدماغ تعرف بـ "النواة فوق التصالبية أو SCN"، فيؤثر في ساعته ثم ينتقل التأثير عن طريق الخلايا العصبية إلى الخلايا الدهنية البنية فتقل، ويحاول العلماء إيجاد طريقة لفك هذه الحلقة والتوصل إلى علاج للسمنة بهذه الطريقة، خصوصا أننا نقضي الليل والنهار داخل غرف مغلقة وتحت تأثير الإضاءة الصناعية سواء في المكاتب أو المنازل. وبالفعل توصلوا إلى بعض الأدوية التي تستطيع كسر هذه الحلقة وزيادة الدهون البنية التي تتناقص أيضا مع الزيادة في العمر، ولكنها للأسف تؤثر نفسيا في المرضى، وتزيد الرغبة في الانتحار، لذلك لم ترَ النور! وإلى ذلك الحين الذي يتم فيه اكتشاف دواء آمن تبقى السمنة أكثر من مجرد مسألة ضبط النفس أمام مغريات الطعام، أو تحمل مشقة الرياضة.