في المجال النفسي والتربوي، يتم ملاحظة وقياس لغتين تتعلقان باضطرابات التواصل، أولاهما اللغة التعبيرية وتعني قدرة الفرد على إيصال ما يريده بعبارات واضحة ومفهومة، أما الأخرى فهي الاستقبالية وتتمثل بفهم ما يوجه إليه أو يطلب منه. قريبا من ذلك حسابات مسؤولي الحكومة التنفيذيين على "تويتر"، الذين يكتفون بلغتهم التعبيرية، فيغردون بما يودون قوله فقط. أما لغتهم الاستقبالية والتفاعلية مع الناس فهي ضعيفة، إن لم تكن معدومة تماما! تابعت حسابات معظم الوزراء السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فلم أجد من يتفاعل مع الناس كما ينبغي، إذ يتخذون من حساباتهم الشخصية منصات لتلميع منجزاتهم وبث قراراتهم، رغم أن لدى وزاراتهم حسابات رسمية تعنى بنشر ألأخبار والقرارات. الأسوأ من ذلك، عندما يتحول حساب المسؤول إلى "صالون استقبال" ينشر خلاله تغريدات تحمل أخبار استقبالاته وسفرياته، أين ذهب ومع من التقى؟! الهدف الحقيقي من وجود حساب لمسؤول ما على "تويتر" أو غيره، هو فتح قناة فورية وفعالة للتواصل مع المواطنين، يستمع خلالها إلى شكواهم، ويأخذ باقتراحاتهم، يتقبل انتقاداتهم ويرد في لحظتها عليهم، يناقشهم ويحاورهم في حدود مسؤولياته ومهامه. المسألة ليست في تطنيش مسؤول ما لمواطن "إلكترونيا"، الأمر أعمق ويتجاوز ذلك بكثير، فقد يكون من شأن رد واحد فقط أن يعفي مواطنا من تكبد عناء السفر والحضور إلى مقر الوزارة بحثا عن إجابة لاستفسار أو إيصال شكوى. نعيش في بلد مترامي الأطراف، فإن لم تقرب وسائل التواصل الاجتماعي بين المواطن صاحب الحاجة والمسؤول متخذ القرار، فالمسافة بينهما أبعد مما هي عليه جغرافيا! سأعدّ حساب كل مسؤول حكومي حسابا وهميا، وليس ذلك فحسب، بل وسأسخر أيضا منه، ولو كان إلى جوار اسمه علامة زرقاء، ما لم أر منه تفاعلا مع الناس في "المنشن". هذا هو التوثيق الحقيقي يا سادة!