كل المناسبات الرياضية وغيرها تدب في أوصالها فوضى التنظيم، وتمر فصولها بارتجالية القرار، أو غيابه في اللحظة المناسبة، وملاعبنا ليست بدعا، لكن ما يحدث فيها مكشوف لا يمكن إخفاؤه، حيث تتجه له أنظار العموم، ويحظى بزخم إعلامي لا يكاد يغيب عن أدق تفاصيله وأقلها أهمية، وهنا تكمن ورطة المنظمين الكبرى، وضرورة الحل. الأمير عبد الله بن مساعد، رأس الهرم في المؤسسة الرياضية، طلب تحقيقا عاجلا في الأحداث التي أعقبت مباراة الأحد الماضي (ديربي العاصمة)، بين الهلال والنصر. هذه يجب أن تكون بداية عمل تنظيمي طويل ومحكم لا ينتهي إلا بضمان التضييق على الفوضى وخنقها، وحسنا أن أصدر على ضوء ما رفع من نتائج التحقيق فورا بعض العقوبات والقرارات، وذلك أمر جيد لكنه ليس الغاية، كما أنه لن يضمن توقف هذا العبث الذي يشوه الملاعب والصالات الرياضية. كل ما يصرف على المسابقات والأنشطة من مال وجهد يضيع في لحظة التباس تنظيمي، يختلط فيها الحابل بالنابل، لأن القائمين على هذه الأنشطة غير مؤمنين يقينا بالتنظيم، وغير واثقين من تطبيقه، ولا يملكون أي استعداد للتفريط في ما يعتقدون أنه مكاسب معنوية أو مادية حصلوا عليها فيما لو تصدوا لصانعي الفوضى الأقوى نفوذا وتأثيرا، لكن ذلك عذرهم ويجب ألا يقبله الرئيس العام لرعاية الشباب الذي تقع كل الملاعب والقاعات الرياضية المنتشرة في طول البلاد وعرضها تحت مسؤوليته، ولا بد أن تنتهي مظاهر الفوضى التي تجتاحها وتشوهها. الكل يعلم أن هناك أنظمة ولوائح وتعليمات تم تعميمها على كل أصحاب الشأن من أجل ضبط الحركة والتسهيل، ليؤدي الجميع مهامهم بصورة حسنة، لكننا لا نريد مثلها أو مزيدا منها لأنها لا تطبق، وإن طبقت فبشكل ناقص، وإن طبقت بكل حذافيرها فعلى البعض من الجهات دون الأخرى، وعلى أنها تعليمات تحقق السلامة والأمن وتضمن الوجه الحضاري للمنشآت، إلا أن الكل يتحين فرصة الاختراق، وتلعب الدور الأكبر في ذلك العلاقات الشخصية والمصالح المادية والعاطفة والخوف من المواجهة والحزم مع المتجاوزين، وأسأل هنا عن مديري هذه المنشآت ومعاونيهم والعاملين تحت إدارتهم إذا ما كانوا يشكلون منظومة عمل تسير مع أطراف التنظيم الأخرى بفهم واحد للدور، وخطة عمل، ومسؤولية مشتركة، يحاسبون في النهاية عليها جميعا، أم لا! سلامة اللاعبين والحكام والإداريين في الملاعب والصالات لن نضمنها إلا حين تكون أرضيتها صفحة مكشوفة، الكل يمكن له قراءة ما يحدث فيها وعليها من تحركات وتصرفات، ولن يكون مبررا أن تعم الفوضى بوجود غير نظامي لأشخاص مهما كانوا في المكان بداعي الفرح ولا بحجة الغضب، ولندع ذلك للعدد المحسوب والمعلوم والمثبت في كشوفات المباراة وحده، وليفعلوا ما يريدون، وبيننا وبينهم النظام والقانون، بدلا من أن تسجل الأحداث ضد مجهول، أو تضيع العدالة ونفقدها. الملاعب والصالات تحتاج لحلول إنشائية وإدارية، وأفكار جديدة مدعومة بصلاحيات، وإعادة تأهيل للعاملين، في الإدارة والأمن الصناعي، بما يتوافق مع ما نريده جميعنا، وشراكة حقيقية مع الاتحادات والروابط والجهات الأمنية والطبية، ونعتقد بل نثق أن الأمير عبد الله بن مساعد أقدر من يوجد ذلك ويتبناه، ويدعمه، ويراقبه، ويحميه، ويوحده، في كل منشآتنا الرياضية السعودية.. لا نريد أن تصبح فوضى وارتجالية تنظيم المناسبات، واللتان نسهم فيهما جميعنا بقدر معلوم، خصوصية سعودية، فذلك أمر سيئ ومهين ويجب أن ينتهي ويصبح من الماضي.