لدينا كثير من الأنظمة الإدارية التي لا يتم العمل بها، ولدينا أكثر منها مما يحتاج إلى مراجعة وتطوير بعد أن أصبحت غير مناسبة للوقت الراهن ومقتضياته، وأيضا نحتاج إلى أنظمة جديدة تفرضها المتغيرات التي استجدت على حياة المجتمع. كلما حدثت مشكلة تساءلنا: أين النظام المتعلق بها، وكلما وقعت واقعة رحنا نفتش في الذاكرة والأضابير هل هناك نظام يتعلق بها ويتعامل معها أم لا. وعلى سبيل المثال، فقد سببت حادثة التحرش ببعض الفتيات في الظهران مؤخرا غضبا مجتمعيا شديدا، واستاء منها الكبير والصغير، ما عدا الذين يقلبون المعادلات ويحاولون أن يجعلوا المرأة هي السبب في كل الممارسات السيئة التي تتعرض لها من المنحرفين أخلاقيا وسلوكيا. بعد نشر مقطع التحرش الهمجي بدأت الأسئلة تتوالى: أين النظام الذي يتعامل بحزم مع قضايا التحرش بمختلف أشكاله. امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالمطالبات الملحة لإيجاد هذا القانون بشكل سريع ليكون ضامنا لردع السفلة الذين لا يردعهم دين أو تضبطهم مروءة وأخلاق. قضية فتيات الظهران ليست الأولى التي خرجت إلى العلن بذلك الشكل السافر، وبالتأكيد هناك قضايا كثيرة تحدث بشكل شبه يومي لا نعرف عنها، وقد يمنع الحرج ضحاياها من الحديث عنها، ثم إنهم لو تحدثوا ما الذي سيحدث مع غياب النظام الذي يكفل حق المعتدى عليه ويردع المعتدي. ربما لا يؤثر كثيرا غياب نظام يتعلق بشأن إداري أو أمر متعلق بالخدمات، ولكنه خطر كبير عندما لا توجد أنظمة وقوانين تنظم حياة الناس وتضبط الاختلالات التي تعتري المجتمع بفعل الشذوذ السلوكي والنزعات العدوانية، فحماية حياة الإنسان وحريته وأمنه واجب حتمي لا بد أن تتوفر له كل الضمانات من الانتهاك والتعدي، ومثل هذه الأنظمة والقوانين يجب أن تكون واضحة وعادلة وصارمة بما يكفي لردع أي متهور سفيه، وغير خاضعة للاجتهادات أو الاستثناءات، وإلا فقدت قيمتها وتأثيرها، وكم نتمنى ألا ننتظر مزيدا من هذه الحوادث المخجلة والمؤلمة قبل أن تخرج إلى النور أنظمة فعالة تطبق فورا.