×
محافظة المنطقة الشرقية

حلول عاجلة لوضع بحيرات الصرف الصحي في جازان

صورة الخبر

قلق كبير تَفاقمَ في واشنطن وطهران إثر مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في القمة الخليجية الأخيرة في الرياض، دفع البلدين إلى عملية إعادة نظر مباغتة في استراتيجياتهما مع السعودية. المخاوف المختلفة الدوافع بين طرفي الاتفاق النووي المرتقب بدأت منذ شراء المملكة لطائرات رافال الفرنسية المتطورة ثم تصاعدت بعد تشكيل الحلف العربي "السعودي" والضربات المفاجئة للتمرد الحوثي الإيراني في اليمن، وها هي تبلغ أوجها بعد الحديث عن صفقات نوعية جديدة وعقود ومشاريع ضخمة بين فرنسا والمملكة، قد تكون كلها بداية الغيث لرعود عاصفة الحزم العربية المستمرة. قبل أيام، ملمحا إلى السعودية وفرنسا، صرح الرئيس الإيراني روحاني بأن "الدول الغربية التي تبيع الأسلحة بمليارات الدولارات إلى دول في المنطقة العربية تغذي الإرهاب والعنف في بغداد ودمشق"، ونستطيع أن نقرأ هنا الخشية والارتباك الإيراني من تنامي القوة السعودية في المنطقة، لا سيما بعد مفاجأة "عاصفة الحزم" التي قلبت حسابات صناع القرار في طهران. دعوة الرئيس أوباما للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى لقاء كامب ديفيد تأتي في سياق المخاوف نفسها وإن كانت الدوافع مختلفة، فالحفاوة التي استقبل بها هولاند في الرياض كانت رسالة ذكية وواضحة لقارئي السياسة في البيت الأبيض، وحشرت أوباما المتردد والضعيف والمراوغ في الزاوية مجددا ودفعته إلى البحث عن وسائل لتطمين دول الخليج العربي وإقناعها بعدم وجود تقارب أميركي- إيراني وأن التقاء المصالح الأميركية الإيرانية في محاربة التنظيمات المتطرفة في العراق وسورية لا يعني بأي شكل من الأشكال تخلي أميركا عن دول الخليج، وفي هذا السياق أيضا نشرت "نيويورك تايمز" مقالا مهما جدا حول غداء عمل جمع وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر بأبرز الخبراء والمختصين بشؤون الشرق الأوسط في واشنطن، بهدف معرفة رأيهم حول الوسائل الواجب على الإدارة الأميركية اتباعها لطمأنة السعوديين والخليجيين حول نواياها ودعمها للمملكة. هذه التداعيات شغلت الرأي العام الفرنسي أيضا ودفعته للتساؤل حول مقدرة المملكة على امتلاك زمام الأمور في ظل التوترات الخطيرة التي تعصف بالمنطقة، والتهديد الذي تشكله الجماعات المتطرفة على أمنها الداخلي، وأيضا عن القوة الاقتصادية للمملكة ومقدرتها على الصمود في وجه تقلبات سوق النفط العالمية، والتغييرات التي شهدها البيت السعودي. المعلقون رأوا أن القرارات التي اتخذها الملك سلمان في فترة قصيرة سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة، وإن دلت على شيء فهي تدل على الشخصية القوية للملك وامتلاكه رؤية واستراتيجية واضحة وحاسمة، وتعيينه للأمير محمد بن نايف هو خيار ممتاز لأن الأمير رجل قوي ومعروف بكفاءته في سحق التنظيمات المتطرفة منذ 2011، وتوقعوا أن تسهم هذه التركيبة الجديدة في الحكومة السعودية في ضبط الإيقاع الداخلي للمملكة والقضاء على أي فرصة للعبث بأمنها، إضافة إلى أن التناغم والتوافق بين أعضاء الحكومة سيجعلان وتيرة اتخاذ القرارات أكثر سلاسة وسرعة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. ردود الفعل السريعة والحاسمة للملك سلمان أثارت إعجاب وفضول المحللين الفرنسيين الذين علقوا بالقول: "ردود أفعال الملك سريعة وحاسمة تتعلق بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة، ما يمنحنا الشعور بأن الملك لديه استراتيجية سياسية قوية وواضحة". الملك الذي كان حاكما للرياض لعدة عقود لديه شعبية وحظوة واسعة ما سيمكنه من التحكم بزمام الأمور بشكل استثنائي، لأنه قادر على الحد من تدفق جهاديين جدد إلى سورية والعراق وهذا تطور جديد ولافت يحسب لصالح المملكة ويدعم حظوظها في محاربة التطرف. لقد جاء التأييد الشعبي القوي من قبل السعوديين لقرار الملك سلمان في إطلاق عاصفة الحزم العربية وضرورة كبح الحصان الإيراني الهائج؛ مفاجئا ومخيبا للبعض الراغب في خراب المملكة، وجعل أعداء السعودية والعروبة يدورون حول أنفسهم، ما يجعل الرهان على تماسك السعوديين والتفافهم حول حكومتهم رهانا تاريخيا ومصيريا للأمة العربية كلها. الخليج العربي بقوته الاستراتيجية الهائلة ومقدراته النفطية والبشرية، وفقط في حال حافظ على وحدة دوله وخططه واستغل كفاءاته البشرية، سيتمكن من قلب الطاولة على رأس اللاعب الإيراني والغربي الذي يستمرئ الرقص على مكامن الضعف العربية. أميركا لن تغامر بخسارة الخليج العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، إلا أن دروس التاريخ علمتنا أن قرارات البيت الأبيض لا تعرف سوى لغة المصالح والالتفافات المباغتة، وأن الاتفاق النووي المرتقب مع إيران قد ينطوي على صفقات تمرر تحت الطاولة على حساب الشعوب العربية، هذه الشعوب التي تترقب اليوم -بعين باكية في دمشق وبغداد وصنعاء وربما في غيرها قريبا- يقظة المارد العربي الخليجي في وجه أسطورة حائكي السجاد الإيرانيين. الاستراتيجية الأميركية مراوغة وينبغي الحذر من تقلباتها، الاستراتيجية الفرنسية طموحة وبراغماتية ومستعدة للتحالف مع السعودية مقابل تحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين والخروج من أزماتها الاقتصادية.. الاستراتيجية الإيرانية قوية وخبيثة لا يمكن الاستهانة بها، الاستراتيجية العربية يمكن أن تتفوق على الاستراتيجيات الثلاث السابقة، إذا ما انتقل العرب من السلبية إلى التكتيك والفعل. دماؤنا تسفك في كل مكان، ألم يحن الوقت كي نحيك سجادنا العربي الخاص بنا بخيوطنا العربية الصنع وأصابعنا التي كتبت حضارة العالم ذات يوم؟ الملك سلمان: وجهك العربي السعودي الأسمر المتصدر على شاشات التلفزة الفرنسية يوقظ عروبتي وأحلامي المؤجلة بالعودة إلى دمشق العربية: فهل موعدنا وكما قال الشاعر اللبناني سعيد عقل: أواخر صيف آن الكرم يعتصر؟