×
محافظة جازان

الهلال يعاود تمارينه ونيفيز يلازم العيادة

صورة الخبر

المونولوج من أبرز أنواع الفنون الغنائية التي اقتبسناها من الغرب كما يدل اسمه على ذلك (المونولوج يعني الكلام الانفرادي). بلغ هذا الفن أوجه عندنا في الثلاثينات والأربعينات وتلاشى بعد ظهور الأنظمة العسكرية. وكان ممن برزوا في عصره الذهبي عزيز علي في العراق، وعمر الزعني في لبنان، ومحمود شكوكو في مصر ومن بعده ذلك الثنائي غير المرح الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم. وإذا كان هناك لون من الغناء يمكن أن نسميه بالهجاء الاجتماعي، فهو دون شك ينطبق على عمر الزعني الذي وصفه المفكر الكبير أمين الريحاني يوما بقوله له «ما أنت بمغنٍ. أنت مربٍ». وكان هجاؤه الاجتماعي ينم عن براعة أدبية كبيرة في اختيار الكلمات واستعمال المحسنات البديعية التقليدية، ولكن كله بلغة العامة. وهذا هو ما حدا بالريحاني إلى اعتباره مربيا لأن أغانيه العامية راحت تجري على ألسن الناس، لا في لبنان فقط، بل وفي كثير من البلدان العربية الأخرى. كنت واحدا ممن تغنوا بها في طفولتي في بغداد. تجلى ذلك بصورة خاصة في مونولوج «ع الهوب» الذي غناه بعد صدور أمر رسمي لرجال القانون بلبس «الروب» الأسود بدلا من الجبة والعمة التي اعتاد على لبسها قضاتنا، وجاء ذلك تقليدا لما كان يجري في الغرب حيث اعتاد القضاة والمحامون على لبس عباءة سوداء. فسخر من هذه المحاولة للتمسك بقشور القضاء والعدالة لا بمحتواها ومصداقيتها: ع الهوب الهوب الهوب والقاضJJي لابس روب والحق آخــذ مــــجراه ما عاد في ظلم بالنوب! وأجرى الفرنسيون الذين كانوا يحتلون البلاد انتخابات صورية. وراح المرشحون كعادتهم في كل مكان من العالم يغدقون بالوعود للناخبين، فأصبح ذلك مناسبة لمونولوج آخر: بخلي السما تشتي طحين والأرض تنبع بنزين بلا رسوم وضــــــــرايب بس انتخبوني نايب! وبينما كانت البلاد ترزح تحت كاهل الاستعمار، أو بالأحرى تنعم، وتئن بأوجاعها الاجتماعية والسياسية، كما هي اليوم، خطرت للرئاسة فكرة تكوين أسطول لبناني! لم يستطع الزعني أن يسكت عن هذه المهزلة، فراح ينشد ويغني: بدنا بحرية يا ريس! صافيين النية يا ريس ومن الظريف أن نلاحظ هذا اللعب والتورية على كلمة «ريس» التي تعني رئيس البلاد ورئيس بحارة السفينة. لا عجب أن استثنته السلطة من برامجها الإذاعية رغم كل ما تمتع به من شعبية وموهبة موسيقية وشعرية واضحة، فقال في إدارة إذاعة بيروت: ربع ساعة في الإذاعة يا جماعة ما عطيوني وأخيرا اندلعت الحرب العالمية الثانية فغنى فيها مونولوجه الشهير: «يا لطيف من الحرب» وخلال أحداث تلك الحرب بادرت الحكومة الفرنسية في فيشي عام 1941 إلى تعيين الجنرال دنز مفوضا ساميا لسوريا ولبنان، فبادر عمر الزعني إلى الترحيب به ساخرا: ريســـــــــــنا ســـــــــــــــــــــــــــــــامي عاشت الأسامي!