قال أسلافنا: «إن ما زاد عن حده انقلب إلى ضده». فالإجراءات الحدية ضررها أكثر من نفعها، والله سبحانه خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان بإمكانه وهو ذو القدرة المطلقة أن يخلقها بقول كن. إن التدرج هو منهج لا حيدة عنه، الصوص يبقى في البيضة ما شاء الله ثم يخرج بعد اكتمال ريشه وهيكله، ويظل مع ذلك بحاجة إلى رعاية الدجاجة. الحيوان الوحيد الذي يخرج ماشيا من بطن أمه هو القعود، فالناقة تلد قعودا.. وأول ما يخرج تجده يمشي كالغزال.. لكن لنتذكر أنه بقي في بطنها عشرة أشهر. ومع تعيين (وزير التعليمين) المهندس عزام الدخيل (بتشديد الياء) انهمرت المقالات والاقتراحات والتعليقات، ومنها مقال للأستاذ سعد الدوسري يطلب فيه إلغاء الكتب والدفاتر وحل الواجبات. وقد نشر المقال بالجزيرة في 19/4/1436هـ. قال سعد: «لقد استنفدت تجربة التعليم من خلال الأوراق أغراضها، ولم يعد جيل اليوم يؤمن بالمذاكرة وحل الواجبات، من خلال الكراريس. إنه جيل يلعب ويتواصل ويبحث عن المعلومات ويتابع المباريات والبرامج والمسابقات، عن طريق حاسبه اللوحي أو هاتفه الذكي. ولو أجريت مسحا بسيطا وعفويا على شرائح من أطفالنا وفتياننا وشبابنا، لوجدت الواحد منهم لا يشاهد التلفزيون إلا نادرا. وعلى هذا القياس، وما دامت وسيلته الرئيسة في التواصل مع العالم، تلاشت وحل محلها الحاسب أو الهاتف الذكي، فلماذا ننتظر منه أن يتقبل هذا الانفصام الكبير، بين واقع حياته وواقع تعليمه؟!». وتعليقي: أن هذا الاقتراح قفزة كبيرة في الهواء تكسر العظام.. لذلك تحدثت في البداية عن تجنب الإجراءات الحدية.. وأن التدرج هو خير وسيلة لإدارة شؤون حياتنا، فما يصلح في الرياض لا يصلح في صبيا بجيزان وليس كل سكان مدن المملكة مثل سكان الرياض بل إن ما يصلح لقاطني حي العليا بالرياض لا يصلح لقاطني الحلة في نفس المدينة. يذكر الأستاذ محمد عبدالله الشريف رئيس نزاهة السابق في كتاب بعنوان (في الشأن العام): أن أكثر من خمسة آلاف نسمة يفطرون في مركز جدم بالليث على الماء والدقيق وحليب الغنم وسكنهم في صنادق حارة وليس لديهم كهرباء ولا ماء بارد ولا طرق ولا هاتف ولا مراكز صحية. فأين تذهبون يا أخ سعد.. وكيف نعلم هؤلاء الذراري وهم بهذه الحال بدون كتب ولا دفاتر؟ وقس عليهم ملايين أمثالهم.. ويا أمان الخائفين. السطر الأخير: قال الله تعالى: {الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}.