لاشك أن قمة كامب ديفيد التي سوف تعقد في الثالث عشر من الشهر الحالي بين أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي باراك أوباما تحظى بأهمية خاصة وبالغة لاسيما أن الولايات المتحدة تسعى لانفاذ مشروعها الضخم بنشر نظام دفاع صاروخي متكامل في منطقة الخليج، وهو مشروع مهم للغاية ليس لمواجهة الأخطار المحدقة بدول المجلس فحسب بل لترسيخ وتعميق سبل تعزيز الشراكة والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول الخليج. وتعتبر القمة فرصة مواتية وسانحة لتأكيد أوجه الشراكة المطروحة ودراسة استراتيجيتها بين الولايات المتحدة ودول المجلس، وهي شراكة سوف تؤدي بالنتيجة الى اذابة جليد القلق المشترك ليس حيال الأنشطة الايرانية الرامية الى زعزعة استقرار دول المنطقة وأمنها بل لاذابة جليد قلق آخر يتمثل في الحركات الارهابية في دول متاخمة لدول مجلس التعاون، فانعقاد القمة يجيء في وقت مناسب ويظهر الالتزام الكامل والمطلق لاتخاذ خطوات عملية وضرورية لتهدئة التوترات القائمة في المنطقة حاليا ومن ثم العمل على اتخاذ خطوات عملية سوف تنعكس آثارها الايجابية على استقرار دول المنطقة وأمنها وسلامتها. وهذا يعني أن المنظومة الدفاعية التي سوف تقام بجهود أمريكية لمساعدة حلفاء واشنطن في المنطقة سوف تلجم توجهات حكام طهران من مجرد التفكير في شن اعتداءات صاروخية على دول المنطقة لأنها ستغدو محمية تماما من تلك الاعتداءات التي قد تشن من ايران أو من العصابات الارهابية المنتشرة في المنطقة العربية. ويبدو أن الالتزامات الأمنية المطروحة من قبل الولايات المتحدة باقامة المنظومة الدفاعية المصحوبة بتزويد دول المنطقة بأسلحة متطورة حديثة وطرحها لمشروع اقامة مناورات عسكرية مشتركة بينها وبين دول مجلس التعاون تعكس المساعي الأمريكية لطمأنة تلك الدول على أمنها الكامل وأن واشنطن لم تتخل عن الدفاع عنها. وثمة خيارات عديدة متاحة سوف تطرحها الولايات المتحدة تصب كلها في روافد اقامة تلك المنظومة ودراسة تأثيرها المباشر على أمن دول المنطقة واستقرارها. ولايلوح في الأفق أن قبول الولايات المتحدة بالتزامات دفاعية في المنطقة قد يدفع بها الى الانزلاق في صراعات جديدة في منطقة الشرق الأوسط لاسيما أن ايران توصلت مؤخرا مع ست قوى عالمية الى اتفاق مبدئي يقضي بتخفيف العقوبات الدولية المضروبة حول طهران مقابل تقييد برنامجها النووي. غير أن ذلك لا يزيل مخاوف دول مجلس التعاون بمواصلة ايران سعيها لامتلاك القنبلة النووية، ولا يزيل مخاوفها أيضا من أن رفع العقوبات عنها وتحرير أرصدتها المجمدة قد يدفعها لتمويل المنظمات الارهابية في بؤر النزاع المتوترة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ويحاول باراك من جهته ازالة مخاوف دول المنطقة حيال سعي ايران لتوسيع نفوذها في الخليج، كما يحاول من جانب آخر حث الزعماء الخليجيين على تحقيق التكامل المطلوب بين جيوشها لاقامة دروع مضادة للصواريخ تفاديا لخطر الصواريخ البالستية الايرانية. ورغم أن بعض الدول الخليجية عمدت الى شراء نظم دفاعية صاروخية أمريكية الا أن ادارة أوباما في القمة الخليجية الأمريكية ستطالب دول المجلس بالتقيد بالمبادرة التي طرحها وزير الدفاع الأمريكي السابق عام 2013م وتقضي بشراء عتاد دفاعي واحد وربطه بشبكات الرادار والانذار المبكر وأجهزة الاستشعار بمساعدة أمريكية، فكفاءة الدفاع الصاروخي تزداد أهميتها وتأثيرها المباشر حينما يتم ربط كافة الوحدات بأداء واحد وعمل متجانس. كاتب وإعلامي