منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية قامت الكثير من مراكز الأبحاث والمؤسسات الفكرية السياسية حول العالم بطرح اسئلة كثيرة حيال ما يمكن أن يجري في المملكة والمنطقة. ولكن وفي نفس الوقت كتبت هذه المراكز أن الملك سلمان يحتاج إلى سنين طويلة لاتخاذ قرارات مصيرية بهذا الشأن. وذكروا أيضا أن بعض القرارت سيأخذ وقتا طويلا من الملك سلمان ليقوم بالبت فيها لحساسيتها. وقد كان أكثر ما تم طرحه هو آلية انتقال الحكم إلى الجيل الثاني. وكذلك التعامل مع أحداث المنطقة خاصة فيما يتعلق بإيران وما يجري في اليمن وبالطبع كثر التكهن حول احتمال حدوث تغييرات في سياسة المملكة الداخلية والخارجية. ولكن ما أن مرت ايام قليلة إلا وقام الملك سلمان حفظه الله بالبت في أمور أكثر مما كان يسأل عنها كبار المحللين السياسيين. بل إن الكثير ذهب إلى أن الكثير من قراراته لن يكون لها تأثير على الشأن الداخلي في المملكة, بل إن تأثيرها سيصل للمنطقة وربما العالم أجمع. ففي خطوة كبيرة وتاريخية فيما يخص الشأن الداخلي, قبل الملك سلمان تنازل صاحب السمو الملكي الامير مقرن بن عبدالعزيز عن ولاية العهد ليقوم الملك بعدها بتعيين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز خلفا له ومن ثم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليا لولي العهد ليصبح أبناء الأسرة المالكة من الجيل الثاني في سلم تسلم السلطة في المملكة. وكذلك قبول الملك سلمان استقالة وزير الخارجية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز وتعيين سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن معالي الأستاذ عادل الجبير كوزير للخارجية. وبقرار الملك فيما يخص ولاية العهد فقد طوى صفحة كانت مادة دسمة لكل من كان يكتب عن المملكة وكل من كان يظن أنه يعرف المملكة وينسج الكثير من الخيال في مراكز بحث لم تكن تعرف عمق وصلابة علاقة ابناء الأسرة الحاكمة في المملكة أو ان يكون لديها أدنى معرفة بخاصية العلاقة في المملكة بين الحاكم والمحكوم. وفي الشأن الخارجي كان الكثير يتوقع سياسة النفس الطويل فيما يخص التدخل الإيراني في اليمن وكذلك الشك في مقدرة المملكة في المبادرة باتخاذ قرارات تخص حروبا يقوم بها تحالف. وعندها أصبحت عاصفة الحزم ردا قويا على كل من يشكك في المملكة وقدرتها على الانفراد بالقرار ليسمع العالم كلمة (لم نكن نعلم ولم نكن نتوقع) تخرج من مراكز صنع القرار في الكثير من عواصم العالم. وفي خضم تلك الأحداث رأى العالم عشرات من قادة دول العالم تأتي إلى الرياض لتستمع وتناقش مع الملك سلمان كل مستجدات الساحة السياسية والاقتصادية. وفي فترة زمنية وجيزة كانت قرارات الملك سلمان أحد أهم الآليات التي زادت من قوة وصلابة مجلس التعاون الخليجي. وأخيرا فالملك سلمان وفي فترة 100 يوم أعطى تعريفا جديدا لكلمة الشفافية في صنع القرار ومعنى البت السريع في مسألة محاربة الفساد. فقد اقال وزير الصحة ورئيس المراسم الملكية وكأنه أراد ان يقول للمسؤول إن المواطن يأتي أولا.... فنعم.. راحة ورخاء المواطن يأتي أولا. وهذا ما رأيناه من أول يوم من حكم سلمان بن عبدالعزيز. كاتب ومحلل سياسي