تزداد أبعاد فضيحة مساعدة المخابرات الألمانية لوكالة الأمن القومي الأميركية في التجسس على مؤسسات ألمانية وأوروبية، الأمر الذي بات يقض مضجع المستشارة ميركل، التي دافعت بدورها عن هذا التعاون باعتباره ضروريا في الوقت الراهن. اتخذت الحرب على الإرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، التي راح ضحيتها آلاف الأشخاص، بعداً جديداً في مختلف دول العالم، فقد شُددت القوانين، وكثفت أجهزة المخابرات الغربية تعاونها. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على التعاون بين وكالة الأمن القومي الأمريكي والمخابرات الألمانية، ويبدو أن هذا التعاون لم يأخذ في نظر الاعتبار كثيراً من القوانين المعمول بها. ويمكن استنتاج هذا من الوثائق التي نشرها الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن صيف 2013 بالتعاون مع وسائل إعلامية كبرى كالغارديان وشبيغل. بفضل سنودن، الذي يعيش في موسكو منذ عامين بات العالم يعرف أن أجهزة المخابرات مثل وكطالة الأمن القومي الأميركية ومقر الاتصالات الحكومية البريطاني قد قامت برصد الاتصالات في جميع أنحاء العالم. ولم تقتصر عملية المراقبة هذه على إرهابيين محتملين فقط، بل وحكومات وشركات دول صديقة أيضاً، كما كشفت عدة تقارير إعلامية. وأضافت هذه التقارير أيضاً أنه تم التجسس بشكل غير شرعي على مجموعة الفضاء والدفاع الأوروبية للملاحة الجوية وعلى البرلمان الأوروبي. وفي ضوء هذه التطورات احتدم الجدل في ألمانيا عن علاقة هذه الإجراءات المثيرة للتساؤلات بالحرب على الإرهاب. ميركل ضحية الأمن القومي الأمريكي منذ نحو عام تحقق لجنة تقصي الحقائق في البرلمان الألماني البوندستاغ بشأن التعاون مع وكالة الأمن القومي الأميركية ، التي قامت بالاستماع إلى عاملين في جهاز المخابرات الألمانية باعتبارهم شهودا. في وسط التحقيقات تحوم تهمة أن المخابرات الألمانية سربت للوكالة الأميركية ملايين البيانات الشخصية لمواطنين ألمان وأوروبيين بشكل غير قانوني. وقريبا سيتم الاستماع أيضاً إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذه القضية، بعد أن كانت ميركل نفسها قد وقعت ضحية لوكالة الأمن القومي الأمريكي. وحين كُشف عن تنصت الوكالة الأميركية على الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية خريف 2013، ردت الأخيرة قائلة: لا يجوز التصنت على الأصدقاء. لكن من وجهة نظر منتقديها فإن ميركل لا تفعل الكثير من أجل توضيح ملابسات الفضيحة التي تهيمن على العلاقات عبر الأطلسي، إذ انتقدت المعارضة الألمانية المستشارة ميركل بحجب بعض المعلومات الهامة عن البرلمان، مراعاة للولايات المتحدة الأميركية . في مقابلة مع إذاعة راديو بريمن الألمانية اعترفت ميركل الأسبوع الماضي بـالحاجة إلى مزيد من التوضيحات بشأن هذه القضية. لكنها ترفض الكشف عن سجلات التعاون بين المخابرات الألمانية ووكالة الأمن القومي الأميركية ، إلا بعد الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية ، ما دفع المعارضة إلى التهديد باللجوء إلى إجراءات قضائية من أجل الكشف عنها. ميركل تدافع عن التعاون المخابراتي ترغب المستشارة الألمانية في المثول أمام لجنة التحقيق البرلمانية الألمانية كشاهدة، وقالت في هذا السياق: سأدلي بأقوالي هناك، وأُخيب على الأسئلة، حيثما كان ذلك ضرورياً. وفي الوقت نفسه دافعت ميركل عن التعاون الوثيق بين أجهزة المخابرات الأميركية والألمانية. وأضافت بالقول: بالنظر إلى الوضع الراهن، فإننا بحاجة إلى مثل هذا التعاون بين أجهزة المخابرات، ويجب علينا أن نهتم بتأمين قدرتها على العمل. فالأمر هنا يتعلق بحماية حياة ثمانين مليون إنسان. وإضافة إلى المستشارة الألمانية يتعرض أيضاً بعض السياسيين الآخرين للنقد، بينهم وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير، زميل ميركل في الحزب الديمقراطي المسيحي. إذ كشفت تقارير إعلامية أن دي ميزير - باعتباره المنسق السابق للتعاون المخابراتي- كان على علم منذ عام 2008 بتجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على شركات أوروبية وألمانية، بمساعدة المخابرات الألمانية.