×
محافظة حائل

القبض على لص منازل يطعن ثلاثينية أثناء سرقة منزلها

صورة الخبر

أن تدق على الباب لتخرج لك امرأة بكامل صهيونيتها وتقول لك: تفضّل، اعلم أن هذا بيتكم لكنه الآن بيتنا، بينما أعد لك الشاي تجوّل في بيتكم، أقصد بيتنا، خذ ما شئت بعينيك و...ارحل! وهل ترك الموقف في عينيه متسعاً لأي شيء غير الدموع؟ يتحسس الحيطان التي فقدت لونها ولم تفقد حجارتها التي بناها جدّه، يتلمس مكان خطواته وهو طفل بالكاد يمشي، هنا كان يلعب، هنا كان يأكل مع أمه وأبيه وأخواته، هنا كان يذهب الى أقرانه في البيارة، من هنا كان يمشي مع عمه الى بحر يافا يتعلم السباحة ويملأ رئتيه الصغيرتين بالهواء البرتقالي وباليود ويعود، من هنا خرج ذات نكبة ولم يعد. إنه حال الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك بيوتهم وبياراتهم وبحرهم الى مشارق الأرض ومغاربها في ما سمّي حرب 1948 وهي لم تكن في الحقيقة حرباً بل الدخان الذي غطّى تنفيذ وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ترك الفلسطينيون بيوتهم لكن البيوت لم تترك مكانها، وحين غادروها أغلقوا أبوابها وأخذوا مفاتيحها معهم، ألم يقولوا لهم ستعودون بعد يوم او يومين، أسبوع أو أسبوعين؟ مرّت سنة وسنتان وعشر وعشرون وستون سنة، لم يعودوا وظلت المفاتيح معهم وتمسكهم بـ حق العودة الذي أصبح مثل غودو صامويل بيكيت، يأتي ولا يأتي. أرض فلسطين تعرّضت إلى الكثير من الغزوات والحروب التي كان آخرها الاحتلال الصهيوني، الذي استطاع تسويق فكرته إلى العالم بكل وسائل الإقناع التي يتبعها المسوّق الجيد لفكرة آمن بها، فكرس جل جهده لتحقيقها متجاهلاً حقوق الآخرين، نابذاً وراء ظهره القيم والمبادئ، مقنعاً نفسه ومن يتبعه بأنه شعب الله المختار ولا يرقى الآخرون إلا أن يكونوا خدماً لهم، مستشهدين على ذلك بنصوص من التوراة المزيّفة والتلمود الذي كتبته أيديهم. إنكار الصهاينة لحق الفلسطينيين والعرب في الأراضي التي يحتلونها نابع من معتقد فكري يقوم على أساس ديني، يأمرهم باستعادة إرثهم السليب وتحرير هذه الأرض من العرب (المحتلين)، ففكرة اصطفاء الرب لهم جعلتهم غير متقبلين لوجود أحد غير اليهود على هذه الأرض، الأمر الذي يفرض عليهم وجوب إفراغ الأرض وترحيل من عليها. فالتوراة أعطت اليهود- على حد ما يزعمون - خيارين متناقضين لاستعادة الأرض ... فإذا أنتم أفنيتم الشعوب تسكنون الأرض، أما إذا لم تبيدوهم تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم مناخس في جنوبكم. وبعد ان استطاع الصهاينة اقامة كيانهم وأقنعوا العالم بالاعتراف به في الأمم المتحدة، شرعوا في بناء المستعمرات والكيبوتسات وأنشأوا الوكالة اليهودية العالمية لتتولى تهجير اليهود من بلادهم الأصلية والاتيان بهم عبر الاغراءات المادية والدينية الى فلسطين، شعب الى خارج أرضه وأقوام لا يجمع بينهم سوى الديانة الى أرض ليست أرضهم. انها المفارقة التي لم يسجل التاريخ مثيلاً لها. وكما هي اللعبة الصهيونية في كل الجرائم كان لا بد ان تغطى باسم الديمقراطية. وتحت قبة الكنيست كانت تتم المهزلة باسم القانون. ففي 1950 أقر ما يسمى قانون املاك الغائبين، وهو يشرعن الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها إلى مناطق أخرى نتيجة الاحتلال الصهيوني لفلسطين 1948 من خلال عصابات الهاغانا وشتيرن بتواطؤ سلطة الانتداب البريطاني، ويسمح بموجبه بوضع ممتلكاتهم تحت تصرف القيّم على أملاك الغائبين، والذي يمثّل الكيان الصهيوني. والقيّم الاحتلالي على أملاك الفلسطينيين موظف يعيّنه وزير المالية الصهيوني، حيث وُضعت كل أملاك الغائبين في يده ومنحت له صلاحيات تخوّله وضع اليد على أملاك الفلسطينيين. وسمح هذا القانون للاحتلال بالاستيلاء والسيطرة على الآلاف من المنازل والعقارات وملايين الدونمات، كما هدف إلى منع عودة أي من المهجرين الفلسطينيين إلى أراضيهم، إذ استولى هذا القيّم على أراضي حوالي ثلاثمائة قرية عربية تزيد مساحتها على ثلاثة ملايين دونم. وشملت الأراضي المستولى عليها مساحات واسعة من الأراضي الخصبة، والتي تقدر بحوالي 280 ألف دونم منها الكثير من البيارات والأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة. كما تم بموجب قانون أملاك الغائبين الاستيلاء على ما يزيد على 25 ألف بناء، تحوي أكثر من سبعة وخمسين ألف مسكن وعشرة آلاف محل تجاري أو صناعي، وحولت هذه الأبنية لإسكان المستجلبين اليهود فيها. واستولت السلطات الصهيونية بموجب هذا القانون على ما يزيد على ربع مليون دونم من أراضي الفلسطينيين الذين ظلّوا في الأرض المحتلة بعد عام 1948. الأسبوع الماضي أعلنت حكومة نتانياهو تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس أيضاً في خطوة تهويدية جديدة للمدينة المقدسة تزامناً مع الخطوات التصعيدية في المسجد الأقصى الذي أصبح على مرمى حفرية هنا أو حفرية هناك ليقع ويهدم لينفذ الصهاينة حلمهم بإقامة الهيكل المزعوم مكانه. لكن الغائبين ليسوا غائبين عن حقهم ببيوتهم وقراهم ومدنهم المحتلة بل مغيبون لأن التاريخ الآن يرى بعين واحدة.