أشجار والأشجارُ كالنساءِ، كلُّ واحدةٍ لها سماتُها في الحلا.. تتنافسُ الأشجارُ منذ بدءِ الخليقةِ، من تكون ملكةُ جمالِ الشجر.. ودائماً، كان لكلّ واحدةٍ تاجُها، وجمالُها الذي لا ينضبُ على مرّ الزمان. عطر العطرُ الذي يأتي من قلبِ الوردِ، لا يشبهُ أمّهُ لا بالشكلِ ولا باللونِ، لكنهُ يظلُّ وفيّاً لذاكرتِهِ، ويحكي للإنسانِ عن أصلهِ وفصلهِ، ومتى لقّحهُ النحلُ، قبل أن يذوبَ في المسام. ذكرى لا أزالُ، أتذكَّرُها، وهي تُدوّي فوقنا، بجمرِها المعدنيّ، في تلك المدينةِ الموحشة. أنحني لجلالِ القدَرِ وحنانِهِ، أنها عبرت بسلام.. يا لها من فضيحةٍ، أن تقضي والحبيبة، بقذيفةٍ ليس لها قلبٌ ولا عيون. غزل أهوى أن أنسجَ كنزةَ الكلماتِ قبل أن يراني الضوءُ.. أشعرُ بالحريةِ أكثر، كلما ابتعدت عنّي العيونُ والحواسُّ الأخرى.. سر المعنى أنه يولدُ من وحشةٍ فائقةٍ، ليعيشَ على أملٍ غير مرئيّ.. على نافذتي، يحطُّ الحمامُ كل صباح، ليخبرني بأنني لا أزالُ حياً، بينما اليمامةُ تلهو مع عصافير أخرى، ولا تبالي بشرفتي وأحزانها. الحمامُ ليس كاليمامِ.. لا يمكن الركونُ لليمامِ في إيصالِ رسائل العاشقين. جمال الكحلُ على الرموشِ وأحمرُ الشفاهِ، يتنازعان على خطبِ ودّ النساءِ.. وأنا حكمٌ وسط الميدان، أرفعُ البطاقةَ الحمراءَ، إذا مالت كفّةُ الاستعارةِ، على أصلِ الجمال. فكرة ينمو الحبُّ في حقولِ الأشواق، قطراتُهُ تجعلُ الأشواكَ وروداً.. الشوقُ فعلٌ مستقبليٌّ، وكذلكَ الموعدُ واللقاءُ، ومن دونهما لا لغةَ في الحياة.