ما دفعني لكتابة هذا المقال هو تلك الجريمة البشعة التي ارتكبها عمٌّ تجاه أبناء أخيه وقتل أحدهم وأصاب الآخر، ونشرت في جريدة المدينة بتاريخ 24 - 4 - 2015. قلبي مع الأسرة خاصةً وأن الفقد عظيم والجاني من الأقارب. ولكن عندما نقرأ تفاصيل وتسلسل القصة حتى وصولها لجريمة قتل وإصابة راح ضحيتها طفلان بريئان لا ذنب لهما! نجد أن جريمة القاتل ووصوله لهذه المرحلة من الإجرام لم تأت من فراغ بل بدأت علاماتها منذ زمن طويل ولم تكن علامات بسيطة بل علامات مفزعة ومؤلمة!. بدأت من كون القاتل كان يضرب والديه ضرباً مبرحاً وضرب زوجته الأولى حتى انتهى بها الحال في المستشفى! ومع ذلك وللأسف تم تزويجه مرة أخرى لتنتهي الزوجة الثانية هي الأخرى في غرفة الإنعاش! والسؤال هنا كيف يتم تزويجه للمرة الثانية؟!. أتساءل هل حان الوقت أن يكون لدينا سجل لماضي الشخص خاصة في حالة زواجه لأكثر من مرة؟! ويكون هذا السجل متاحاً لكل من يعقد قرانه وبذلك نحمي به بناتنا ومجتمعنا من شر مثل هؤلاء الرجال! قبل فترة حدثتني إحدى طالباتي كيف أنها تزوجت شاباً، اكتشفت فيما بعد أنه مدمن مخدرات وأن أهله زوجوه على أن تقوم هي بدور علاجه! حقيقة لدينا مشكلة كبيرة في عملية تزويج أبنائنا فكثير من الأمهات والأسر بصفة عامة يعتقدون أن تزويج الابن الذي يعاني من مشاكل سلوكية قد يشفيه! فنزوج مدمن المخدرات ومنحرف السلوك والعدواني وكأننا بهذا نُحمل المركبة التي هي على وشك الغرق حملاً ثقيلاً! نزوجه ونرمي بالفتاة في أحضان مجرم لا يرحم وبأطفال أبرياء لا ذنب لهم! ويغرق القارب بمن حمل وضحايا أبرياء لا ذنب لهم! نحن مجتمع حسن النية كما عنونتُ هذا المقال! نحن مازلنا لا ندرك أبعاد المرض النفسي وبالطبع ليس كل مريض نفسي هو خطراً! ولكن هناك مجموعة كبيرة من الاضطرابات السلوكية الخطيرة التى يشكل فيها المريض خطراً كبيراً على نفسه والآخرين. ونحن للأسف لا نأخذ ولا نعطي قيمة للعلامات والأعراض البسيطة التي تصدر من الفرد كدلالة على أن ما هو مخفي وما هو قادم أشد خطورة ومرارة! لابد أن نعرف أن لا شيء يأتي من فراغ وأن سلوك اليوم المزعج والمؤلم كانت له جذوره الماضية والتي لم نهتم بها، أو قللنا من قيمة هذا السلوك ثم دفعنا ثمن حسن النية لاحقا! قبل فترة كتبت عن قصة جندية أميركية كانت مع الجيش الأميركي في العراق وتعرضت لتحرش بسيط من جندي معها وقامت بالتبليغ عنه وعندما سُئلت لماذا لم تتجاوز عن الحادثة وتسامحه؟! أجابت: مهم أن تبقى هذه الملاحظة السلوكية في سجله، على الأقل لو تحرش بامرأة أخرى فهذا يدعم من شكواها ويشكل نوعاً من المصداقية لها. في النهاية أعتقد أننا لابد أن نتغير وأن نزرع قليلاً من الشك في قلوبنا وعقولنا، والذي يقينا لاحقاً بإذن الله من خسائر فادحة! لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net