جاءت التغييرات الأخيرة التي أجراها الملك سلمان بن عبدالعزيز، في دولاب العمل الحكومي، لتعطي دفعة جديدة لما نرتجيه من طموحات تؤطر لمزيد من التدفق والحيوية، سواء في أركان منظومة الحكم العليا أو في الوزارات الخدمية. فالقرارات الملكية، التي صعدت بالجيل الثالث إلى قمة هرم القيادة السعودية، ضمنت تعزيز فكرة الانتقال الهادئ للسلطة، وضخ دماء شابة من شأنها أن ترسخ مضمون الحيوية والتجديد، بمثل ما تضمن تحقيق الاستقرار وتوطيد أركانه حالياً ومستقبلاً. الأمير محمد بن نايف، الذي بات ولياً للعهد، ليس غريباً على منظومة القيادة، وهو الذي خبر تدريجاتها العملية، منذ كان مساعداً لوزير الداخلية، في الفترة الأحرج من عمر البلاد، وقاد عملية المواجهة الأمنية بالتزامن مع عملية تصحيح فكرية، كاد أن يدفع ثمنها غالياً، في محاولة إجرامية غادرة من قبل العناصر الإرهابية، ولكنه مع ذلك، واصل المعركة بنفس الهدوء والحزم، حتى عبر وطننا المرحلة بكل ثقة في الأمن والأمان. الأمير محمد بن سلمان، الذي أصبح أيضاً، ولياً لولي العهد، اجتاز الاختبار الأصعب من حياته، ممثلاً في المواجهة السعودية الحاسمة ضد عناصر ميليشيات الحوثي، ونجح وهو الشاب الذي لم يتجاوز 35 عاماً في قيادة أول تحالف عربي عسكري في القرن الحادي والعشرين، استطاع من خلاله، تأكيد جدارته العملية، في ضبط المنظومة العسكرية السعودية في أول اختبار خارجي لحماية المملكة من التهديدات الخارجية، منذ سنوات. وإذا كانت سلسلة التغييرات الملكية شملت أيضاً، رائد الدبلوماسية المخضرم، الأمير سعود الفيصل، بعد رحلة عطاء طويلة قاد فيها السياسة السعودية قرابة أربعة عقود، يستحق خلالها التقدير والاحترام على ما أداه من جهد وإخلاص، في خدمة دينه ثم مليكه ووطنه، وإحلال سفير المملكة في واشنطن عادل الجبير في مقعد الخارجية، فإن سياسة الإحلال والتجديد في بعض الوزارات الخدمية، تهدف في المقام الأول، ليس لتغيير الأشخاص ولكن لتحسين الخدمة بشكل عام. علينا كمواطنين أن نعي أن قرارات القائد في مجملها، إنما هي لتأكيد سبل الاستقرار وبعث الطمأنينة في أن وطننا مليء بالكوادر الكفؤة والمخلصة، والتي تسعى لخدمة وطنها في أي مكان وفي أي وقت وفرصة. وعلينا أيضاً أن نعي أن متطلبات المرحلة الانتقالية، تضع أمام عينيها، المستقبل، وتستشرف آفاقه بالشكل الأمثل، ونشر الأمل في كافة الربوع والأرجاء، بأن الوطن هو الباقي.. والأشخاص كسنّة الحياة