كثير منا يحن إلى أوقاتٍ قضاها مع أصدقائه في الجامعة، حيث الانطلاقة الأولى للفرد ونقطة التحول من المرحلة التعليمية الأقل إلى مرحلة تعليمية عليا، وبداية التعرف على أصدقاء جدد منهم من يستمر بالصداقة طول العمر. اعوام طويلة مرت على مغادرة صديق الدراسة للدولة عائداً إلى موطنه، تعرفا على بعضهما خلال فترة الدراسة الجامعية، وقضيا معا أيام الدراسة بحلوها ومرها، وها هو يعود ثانية إلى الدولة، فلا عجب أن يلجأ الى صديقه وزميله ليطلب مساعدته، والطبيعي أيضا أن يلبي هذا الصديق رفيق الدراسة ما تفرضه علينا عاداتنا وتقاليدنا، بهذه الكلمات دافع عن نفسه وهو يواجه المحكمة متهما بالمشاركة مع المتهم الأول (صديق الدراسة) والمتهم الثاني في عملية لتهريب وبيع المواد المخدرة. وأفاد أنه تواجد مع المتهمين بهدف ارشادهم الى موقع الحديقة، كونهما يقيمان في خارج الدولة، وأضاف : أنه لم يشك بشيء عندما طلب منه صديقه أن يرشده الى موقع احدى الحدائق الواقعة خارج مدينة ابوظبي، مؤكدا بأنه كان مجرد صديق قديم يطلب خدمة بسيطة جدا لم يجد صعوبة بالقيام بها. وبالفعل ركب مع صديقة السيارة متجها برفقته والمتهم الثاني الى موقع الحديقة، وأضاف أنه فوجئ بالقبض عليه بتهمة الاتجار بالمخدرات والمفاجأة الكبرى أن صديق دراسته، ترك مستقبله وحياته المهنية التي كان ينشدها خلال فترة الدراسة الجامعية، واصبح تاجر مخدرات قبض عليه وبحوزته كمية كبيرة من مخدر الحشيش دخل بها الدولة ليهدم من خلال ترويجها داخل الدولة مستقبل شبابها ويزعزع استقرار وهناء عائلاتهم. كان صديقه من إحدى الدول الخليجية، عاد الى الدولة عبر احد المنافذ البرية، بعد ان قام بإدخال كمية من المخدرات، حيث وردت معلومات إلى قسم مكافحة المخدرات في شرطة أبوظبي من مصادر سرية تفيد بوجود كميات من المخدرات لدى أحد الأشخاص، فقام أحد رجال الشرطة بانتحال صفة مشترٍ وتواصل مع المتهم الأول في القضية، والذي أفاد بأن لديه تلك الكمية، واتفق على بيع ما لديه من المواد المخدرة. وبعد فترة تواصل رجل الامن مع المتهم الأول لإتمام الصفقة، وهناك كان كمين الشرطة بانتظاره، حيث تم تحديد ميعاد ومكان التسليم وذلك بالقرب من حديقة بني ياس في أبوظبي، وفي الموعد المحدد حضر المتهم وأفراد الضبط، وتم الاتفاق على عملية البيع، وما إن أنهى الطرفان عملية تبادل المادة المخدرة والمبالغ المالية والمقدرة بنحو 250 ألف درهم، حتى قامت قوة الضبط، بإلقاء القبض على المتهم الاول وبحوزته المخدرات، إضافة إلى المبلغ المالي الذي قبضه من رجل الشرطة المنتحل صفة مشترٍ. واثناء ضبط افراد الشرطة للمتهم الأول، حاول المتهم الثاني والثالث الهروب بالمركبة من موقع التبادل، الا أن مركبات الضبط عاجلتهما بصدم مركبتهما ومنعهما من الفرار وإلقاء القبض عليهما، وتحويلهما الى الجهات المختصة. وبتفتيش السيارة التي كان يقودها المتهم عثرت الشرطة على قطعة من مادة الحشيش. وخلال تحقيقات الشرطة والنيابة العامة، اعترف المتهم الأول بتهم حيازة والاتجار بالمواد المخدرة، فيما انكر المتهم الثاني تهم الاتجار، معترفا بما ورد في تقرير فحص عينة البول، والذي اكد على تعاطيه للمواد المخدرة، بينما تمسك المتهم الثالث بإنكار كافة التهم المنسوبة اليه، مشيرا الى انه مجرد صديق للمتهم الأول، وان المتهم الاول طلبة منه ارشاده الى موقع الحديقة، مدعيا له انه سيلتقي بأحد الاصدقاء، وهو الامر الذي اكده المتهم الاول في أقواله. وامام هيئة المحكمة اكد المتهم الاول على حسن نية المتهم الثالث (صديق الدراسة)، وعدم معرفته بنواياه الاجرامية، مطالبا هيئة المحكمة ببراءة صديقه، ودفع المحامية الحاضرة مع المتهم الثاني ببطلان اعترافات المتهم امام محاضر الشرطة والنيابة العامة، مشيرة في الوقت نفسه الى أن موكله قد تعرض الى الإكراه المادي والمعنوي طول فترة التحقيق. الا ان المحكمة لم تقتنع بجميع اقوال المتهم الأول وبحسن نية المتهم الثالث، وبالتالي حكمت على المتهم الأول، بالإعدام مع مصادرة المواد المخدرة، وذلك بعد ادانته بالاتجار في المواد المخدرة، كما قضت بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن 4 سنوات مع الابعاد عن الدولة عن تهمة حيازة المواد المخدرة، أما صديق الدراسة الذي أرشده الى الموقع، فقد أدين أيضاً بتهمة حيازة المواد المخدرة، وحكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات.