×
محافظة المدينة المنورة

الطقس ..أمطار رعدية على الرياض والشرقية ومناطق جنوب المملكة

صورة الخبر

يقول كارل فون كلاوسفيتز،‮ ‬مدعوماً‮ ‬بأمثلة تاريخية لاسيما‮ ‬غزوات نابليون،‮ ‬بأن الغزاة عبر التاريخ كانوا دوماً‮ ‬يقدمون أنفسهم كمحررين للشعوب من طغمة حاكمة أو فوضى عارمة،‮ ‬ويدعون بأنهم‮ ‬يحملون معهم حضارة ومعنى‮. ‬ لم‮ ‬يدخل السوريون إلى لبنان في‮ ‬العام ‮٦٧٩١ ‬كغزاة بل كمنقذين لشعب شقيق من حرب أهلية كانت تهدده بتقسيم طالما عملت‮ ‬إسرائيل‮ ‬من أجله‮. ‬وقد تعاملت أحزاب اليمين اللبناني‮ ‬بالفعل مع‮ ‬إسرائيل‮ ‬وعملت لمثل هذا التقسيم بعد‮ ‬يأسها من السيطرة على كامل البلد‮. ‬وحظي‮ ‬الجيش السوري‮ ‬بغطاء شرعي‮ ‬دولي‮ ‬وكان جزءاً‮ ‬من قوات ردع انشأتها الجامعة العربية قبل أن‮ ‬يصبح بمفرده بعد الانسحاب المتتالي‮ ‬للقوات العربية الأخرى‮. ‬ لم‮ ‬يدخل السوريون لبنان كغزاة لكنهم راحوا‮ ‬يتصرفون كذلك مع الوقت‮. ‬فبعد أن كان لتدخلهم هدف معلن هو حماية المسيحيين من‮ ‬الحركة الوطنية المدعومة بالمقاومة الفلسطينية،‮ ‬انفجر الصراع بين الجيش السوري‮ ‬والقوات اللبنانية‮ ‬بزعامة بشير الجميل‮. ‬وإثر معارك ضارية بين الجيش السوري‮ ‬وهذه القوات خرج من مناطقها ليغدو جزءاً‮ ‬لا‮ ‬يتجزأ من المعادلة الصراعية اللبنانية أكثر منه حكماً‮ ‬في‮ ‬هذه المعادلة المعقدة‮.‬ بعد ذلك اندلع الصراع مع منظمة التحرير التي‮ ‬كان زعيمها‮ ‬ياسر عرفات‮ ‬يتهم الرئيس حافظ الأسد بأنه‮ ‬يسعى للاستحواذ على الورقة الفلسطينية بعد اللبنانية لتوكيد موقعه الإقليمي‮. ‬ترجم هذا الصراع معارك مسلحة بين الفصائل والأحزاب الموالية لدمشق وتلك المناهضة لها،‮ ‬قبل أن‮ ‬يضحي‮ ‬لبنان ساحة للصراع الإقليمي‮ ‬بين المؤيدين لمعاهدة‮ ‬كامب دافيد ‬والمعارضين لها‮. ‬واجتمع المراقبون الغربيون على وصف الجيش السوري‮ ‬في‮ ‬لبنان بالاطفائي‮ ‬الذي‮ ‬يشعل الحرائق قبل أن‮ ‬يحاول إطفاءها طمعاً‮ ‬بمكاسب سياسية‮.‬ بعد التوقيع على اتفاق الطائف،‮ ‬والذي‮ ‬تزامن مع نهاية الحرب الباردة بسقوط جدار برلين،‮ ‬بدأ الوجود السوري‮ ‬في‮ ‬لبنان مرحلة جديدة من‮ ‬الوصاية‮ ‬عقب الاتفاق الشهير بين الأسد وبيكر وزير الخارجية الأمريكي‮ ‬غداة الغزو العراقي‮ ‬للكويت‮. ‬وهكذا في‮ ‬تسعينات القرن المنصرم دخل لبنان في‮ ‬ورشة اعادة اعمار رغم الاعتداءات‮ ‬الإسرائيلية ‬المتكررة،‮ ‬بقيادة رئيس الوزراء رفيق الحريري‮ ‬وعلى خلفية آمال بحل سلمي‮ ‬للقضية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو‮ (٣٩٩١)‬،‮ ‬وهي‮ ‬آمال تبين بأنها لم تكن سوى سراب خادع‮.‬ وفاة الرئيس الأسد في‮ ‬العام ‮٠٠٠٢ ‬لم تغير شيئاً‮ ‬إذ أن ولده بشار تسلم السلطة بطريقة سلسة كان الراحل قد رتبها له‮. ‬وحل رستم‮ ‬غزالي‮ ‬محل‮ ‬غازي‮ ‬كنعان لتستمر الممارسات الاستخباراتية نفسها‮ ‬ويستشري‮ ‬معها الفساد السوري‮ - ‬اللبناني‮ ‬بشكل‮ ‬غير مسبوق‮. ‬لم‮ ‬يترك السوريون شاردة ولا واردة في‮ ‬لبنان من دون التدخل فيها‮. ‬كان تعيين رؤساء الجمهورية والحكومة والوزراء والنواب وحتى موظفي‮ ‬الدولة الكبار منهم والصغار‮ ‬يتم من دمشق مروراً‮ ‬بعنجر،‮ ‬وأضحت الطبقة السياسية اللبنانية مجرد دمى في‮ ‬بلد تثقله الديون والأزمات وعدم الاستقرار وهجرة شبابه المتعلم،‮ ‬ناهيك عن التفجيرات والاغتيالات وما شابه‮. ‬وأصيبت المقاومة اللبنانية للاحتلال‮ ‬الإسرائيلي ‬بلعنة الجغرافيا فكل سلاحها‮ ‬يمر من الحدود مع سوريا،‮ ‬وباتت إنجازاتها المشرقة ضد الاحتلال رصيداً‮ ‬لغيرها‮.‬ اغتيال الرئيس الحريري‮ ‬في‮ ‬فبراير‮/ ‬شباط ‮٥٠٠٢ ‬بعد صدور قرار مجلس الأمن في‮ ‬سبتمبر‮/ ‬أيلول ‮٤٠٠٢ ‬القاضي‮ ‬بانسحاب السوريين من لبنان فجر البلد بين موال للنظام السوري‮ ‬ومعارض له‮. ‬وتحت وقع المظاهرات في‮ ‬بيروت والضغوط الدولية اضطر الجيش السوري‮ ‬للخروج من لبنان بطريقة‮ ‬غير مشرفة،‮ ‬بعد تسع وعشرين عاماً‮ ‬مما بات‮ ‬يصفه البعض بالاحتلال‮ ‬والبعض الآخر بالوصاية‮.‬ بعد عشر سنوات على هذا الخروج لم تتغير الأوضاع اللبنانية عما كانت عليه‮. ‬هناك من‮ ‬يقول بأن السوريين لم‮ ‬ينسحبوا فعلياً‮ ‬واستمروا في‮ ‬ممارسة نفوذهم على لبنان عبر مخابراتهم وحلفائهم فيه‮. ‬لكن سوريا نفسها تتخبط اليوم في‮ ‬حرب تشبه كثيراً‮ ‬ما عاشه لبنان منذ العام ‮٥٧٩١. ‬وبعد اتهامها بالاغتيالات التي‮ ‬حصلت طيلة تواجدها في‮ ‬لبنان ولاسيما بعد اغتيال الحريري،‮ ‬ناهيك عن المعتقلين اللبنانيين في‮ ‬سجونها والذين انقطعت أخبارهم،‮ ‬وغيره من الملفات الخلافية العديدة‮.‬