بيروت: نذير رضا قتل مسلحون مجهولون، فجر أمس، المحلل السياسي المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد محمد ضرار جمو، بإطلاق النار عليه في منزله في الصرفند (جنوب لبنان)، التي تعد عمقا أمنيا بالنسبة لحزب الله وحركة أمل، فيما كشفت وكالة أنباء اميركية النقاب عن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) حذرت جهات لبنانية من هجوم وشيك لتنظيم القاعدة على حزب الله في مناطق نفوذه. وأقدم مسلحون لم يحدد عددهم على إطلاق النار من رشاشات آلية على جمو في الساعة الثانية فجرا، عقب عودته إلى منزله برفقة ابنته واثنين من مرافقيه، مما أدى إلى وفاته على الفور، وإصابة ابنته بانهيار عصبي، فيما أصيب اثنان من مرافقيه بجروح نقلا على أثرها إلى مستشفى علاء الدين في الصرفند. وتعد هذه العملية أول اغتيال لشخصية مؤيدة للأسد في لبنان منذ بدء الصراع في سوريا قبل أكثر من عامين، وتأتي بعد سلسلة هجمات في الأسابيع القليلة الماضية استهدفت مناطق حزب الله، الذي جاهر بقتاله في سوريا إلى جانب قوات الأسد. وتبعد الصرفند 16 كيلومترا عن مدينة صيدا، وتحيط بها قرى شيعية، وقرية ضيعة العرب التي تسكنها غالبية سنية، فضلا عن أن أكبر أعداد النازحين السوريين في منطقة الزهراني تقيم في بلدة العاقبية المحاذية للصرفند (تبعد كيلومترا واحدا عن منزل جمو)، وأغلبهم من المعارضين لنظام الأسد. ويعد الهجوم على جمو أبلغ خرق أمني لمناطق حزب الله، كونه لم يتم بوضع تفجيرات، كما في الضاحية والبقاع، أو بإطلاق صواريخ، كما في استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، بل استخدمت فيه أسلحة رشاشة في منطقة سكنية، قبل فرار الفاعلين. وهي أول عملية أمنية يشتبه في ضلوع مؤيدين للمعارضة السورية فيها، وتتم في جنوب لبنان، منذ بدء الأزمة السورية. وقالت تقارير غربية إن الهجوم الذي نفذ في الصرفند يظهر أن الجماعات المعارضة للأسد تستطيع ضرب أهداف بعيدا عن المناطق السنية التي يتمتعون بدعم كبير فيها. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن جمو، الذي يشغل منصب رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب، أصيب بـ27 طلقة متفجرة في منطقتي الرأس والصدر، حيث تناثرت الدماء على الجدران. وأكد هؤلاء أن إطلاق النار جرى في ممر داخل المنزل يصل إلى غرفة نومه، واستمر إطلاق النار لأكثر من دقيقة ونصف الدقيقة، قبل أن يغادر المسلحون المكان باتجاه جهة مجهولة. ولا يشغل جمو أي منصب قيادي في حزب البعث، ولا في الدولة السورية، لكنه يعد من أبرز الوجوه الإعلامية المدافعة عن نظام الأسد في البرامج التلفزيونية، على المحطات اللبنانية والعربية، وهو أول من دخل القصير بريف حمص بعد أن استعادتها القوات الحكومية السورية الشهر الماضي، وهو من شبه الأسد بتشي غيفارا وصلاح الدين الأيوبي، وتعتبر مواقفه مستفزة لكثيرين، فهو الذي أعلن أن كل من يقتله الجيش السوري «إرهابي»، كما توقع اغتيالات سياسية كثيرة. وقالت زوجته بعد اغتياله، في تصريح لتلفزيون «المنار» التابع لحزب الله، إن مسؤولين في حزب البعث السوري اتصلوا به وحذروه من مخطط لاغتياله ينفذه «إرهابيون» على حد وصفها. ويقيم جمو في بناية تقع في أول البلدة لجهة قرية «ضيعة العرب»، وسط محيط مأهول بالسكان، ويشهد حركة دائمة على مدار الساعة، خصوصا في شهر رمضان. وعندما تقع توترات أمنية في المنطقة يكثف عناصر الحزبين الشيعيين في الصرفند من وجودهما في الشوارع، خصوصا ليلا، ويقول شهود عيان إنهم يظهرون بسلاحهم. وتعرف البلدة بولائها لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ولحزب الله، ويتحدر وزير الصحة اللبناني السابق محمد جواد خليفة من القرية. وبموازاة تقاطع التحذيرات من أكثر من جهة، كشفت وكالة «ماك كلاتشي» الأميركية للأنباء، أمس، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حذرت مسؤولين لبنانيين الأسبوع الماضي من أن جماعات ذات صلة بتنظيم القاعدة تخطط لحملة تفجيرات سوف تستهدف المناطق الواقعة جنوب بيروت الخاضعة لسيطرة حزب الله، إضافة إلى أهداف سياسية مرتبطة بالتنظيم أو حلفائه في سوريا. وقالت الصحيفة إن هذا التحذير «غير المعتاد» تم تمريره من رئيس محطة بيروت التابعة لـ«سي آي إيه» إلى العديد من المسؤولين الأمنيين والاستخباراتيين اللبنانيين في اجتماع نهاية الأسبوع الماضي، مع إدراك أنه سيصل إلى حزب الله، بحسب مسؤولين لبنانيين. ويحظر على مسؤولي الحكومة الأميركية إجراء اتصالات مباشرة بحزب الله، الذي صنفته الولايات المتحدة باعتباره تنظيما إرهابيا دوليا. وأفادت الصحيفة بأن مسؤولي حزب الله اعترفوا بالتحذير، واتخذوا خطوات لتشديد الأمن في مناطق جنوب بيروت المعروفة محليا باسم «الضاحية». وقال ضابط أمن داخلي بحزب الله تحدث مشترطا عدم الكشف عن هويته، نظرا لأنه لم يكن مصرحا له بالحديث إلى المراسلين «بالفعل أتى تحذير من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. مرروا لنا هذه المعلومات عبر المخابرات (الاستخبارات العسكرية)، ولكن كانت لدينا معلوماتنا الخاصة عن التفجيرات». وقال مسؤول لبناني كان في الاجتماع، بحسب الصحيفة الأميركية، إن تحذير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تضمن أدلة تفيد بأنه «مقنع ومخيف جدا»، نظرا لأنه كان محددا جدا. وتضمنت الأدلة، بحسب «ماك كلاتشي»، مقاطع من مكالمات هاتفية ومعلومات مفصلة جدا عن عدد من الخلايا التي تعمل على طول حدود لبنان مع سوريا، وأيضا داخل بيروت نفسها.