ناظم الكاكئي-العراق تحتل الجبال جزءا هاما في التركيبة الجغرافية لإقليم كردستان العراق، كما أن الشعب الكردي يعشق الجبال ويراها مفعمة بالأحاسيس المتعلقة بتاريخه وحضارته. ففي الجبال علامات واضحة وبنية حية، ولا سيما أنها تضم الكثير من المغاور والكهوف المغرقة في القدم، تم اكتشاف بعضها والآخر لم يكتشف بعد. ويقول رئيس هيئة البيئة في إقليم كردستان العراق صمد محمد إن للمغاور أو الكهوف في كردستان أهمية تاريخية وسياحية كبيرة. الحركة التحررية وأضاف شكّل بعضها معاقل للمناضلين عبر تاريخ الحركة التحررية الكردية، وتشهد بذلك الأدوات المكتشفة داخل بعضها، والتي تعود إلى أزمان غابرة. وتابع -قائلا للجزيرة نت- إن مغارة جاسنا الواقعة في منتجع دوكان بمحافظة السليمانية من أشهر المغاور في الإقليم، وتروي عشرات القصص. وقد جسّد المناضل الكردي الشيخ محمود الحفيد تلك القصص، حيث اتخذ منها مقرا بعد إعلان الحرب على الإنجليز في عشرينيات القرن الماضي، مطالبا بحقوق الشعب الكردي المشروعة وباستقلال العراق. استخدام البغال ولفت إلى أن الشيخ الحفيد نقل محتويات أكبر مطبعة من مدينة السليمانية إلى هذه المنطقة النائية بطريقة بدائية جدا، حيث تم نقلها باستخدام البغال خشية وقوعها بيد الإنجليز أو الموالين لهم، وذلك للاستمرار بطباعة المنشورات. واستخدم الحفيد المطبعة أيضا لترجمة أفكار ثورته، إضافة لطباعة الكتب الرسمية التي كانت تؤكد آنذاك أنه يمثل شعب كردستان في المحافل الدولية. وأكد الجيولوجي برهان نجم أن أقصى طول للمغارة يبلغ نحو خمسين مترا وبارتفاع 12 مترا، أما درجة الحرارة والرطوبة فهي ثابتة فيها إلى حد ما، لأن سلسلة جبلية شاهقة تحيط بها من كل الاتجاهات. عمر المغارة وتابع -قائلا للجزيرة نت- حسب التحليلات المخبرية التي أجريت على الأشكال الكلسية المتكونة في المغارة، تبين أن عمرها لا يقل عن مائة ألف سنة. وأشار إلى أن الأشكال الغريبة الموجودة على جدار مغارة جاسنا وعلى سقفها تكونت بحكم عوامل الطبيعة، ولا يزال بعضها في طور التشكل، ومنها نوازل تتدلى أو تلتصق بالسقف بطريقة رائعة وبألوان مختلفة. وشدد نجم على أن أرضية المغارة مستوية وخالية من الترسبات، كونها بطبيعتها مفتوحة، واستخدمت على مر الزمن لأغراض متعددة من بينها السكن، كما استخدمت إسطبلا للخيول. اهتمام سياحي ويذكر جلال قادر -وهو من وجهاء قرية جاسنا حيث تقع المغارة- أنها معلم سياحي مهم إذا ما تم الاهتمام بها من قبل سلطات إقليم كردستان وخاصة إعلاميا. وأضاف إلى الآن لم يكن الاهتمام بالمستوى المطلوب، ولم يجر تنظيم أفواج سياحية لزيارتها على الرغم من أن الإدارة المحلية لمحافظة السليمانية أنشأت شارعا من منتجع دوكان وحتى مدخل المغارة. وأوضح للجزيرة نت أن المغارة كانت تشكل ملاذا آمنا لسكان المنطقة وخاصة خلال الحروب، حيث كانت نحو خمسين أسرة تأوي إليها في ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب الإيرانية العراقية، ثم في عمليات الأنفال التي أطلقها النظام السابق ضد المقاتلين الأكراد. وأشار إلى أنه يمكن استغلال تلك الأحداث سياحيا لإنعاش المنطقة, داعيا إلى إدراجها ضمن المعالم السياحية العالمية كونها لا تقل شأنا عن بعض المغاور الموجودة في دول عربية وإقليمية من الناحيتين الطبيعية والتاريخية.