منذ ديسمبر العام الماضي، نشرت الصحف عن حكاية «سولاف» ذات السنوات الثلاث، التي ذهبت إلى مستشفى الولادة والأطفال لاستخراج خاتم ابتلعته، وتم تحويلها إلى مستشفى الملك خالد بنجران، وقرر الأطباء أن الخاتم مستقر في المعدة، ويتطلب استخراجه بواسطة المنظار عشر دقائق، لكنها أصبحت ساعة إلا ربع نتيجة ثقب في المرئ بسبب المنظار، ثم ساءت حالتها، وأحيلت إلى العناية المركزة قبل أن تنتقل إلى -رحمة الله-. دخلت تمشي على قدميها، وخرجت إلى ثلاجة الموتى، وغيرها عدد من الحالات الشبيهة، التي تعرضت لأخطاء طبية، وفقد مواطنون حياتهم لذلك، رغم أن معظم هؤلاء دخلوا غرفة العمليات لأسباب بسيطة للغاية، آخرهم الصحفي والإعلامي محمد الثبيتي الذي توفي بسبب عملية بسيطة أجراها في مستشفى الدمام المركزي، في حوادث وأخطاء طبية تكشف الإهمال والفساد الذي يحيط بهذه الوزارة العملاقة، المسؤولة عن صحة المواطن. ولعل أكثر ما يؤرق موضوعات الأخطاء الطبية، أن التحقيقات فيها لا تصل إلى نتائج واضحة ومحددة، وتبقى كثير من الملفات مفتوحة، أو يتم حفظها دون الحسم فيها وإعلان نتائج التحقيقات، والعقوبات المترتبة عليها. وبرغم تعدد الوزراء الذين استلموا حقيبة الصحة، لم يستطع هؤلاء وضع أنظمة وتشريعات محددة، لمسلسل الأخطاء الطبية في مستشفيات المملكة، سواء مستشفيات الوزارة أو القطاع الخاص، فهل ينقذ الوزير الجديد خالد الفالح هذا الوضع المزري؟.. هل يستطيع إدارة العديد من الملفات المفتوحة في الصحة؟ هل يتمكن من حسم التأمين الطبي للمواطنين؟ هل سيتمكن من محاصرة وباء كورونا، وغيره من الأوبئة؟ هل يبقي على نظام التشغيل الذاتي أو يقوم بتطويره؟.. أسئلة الصحة كثيرة ومتعددة، وهي القطاع الأكثر أهمية لدى المواطن، قبل قطاعات التعليم والإسكان. من يعرف المهندس خالد الفالح في أرامكو، أو من عمل معه، يدرك أنه رجل دؤوب ومخلص ودقيق، يبحث عن النجاح ويسعى إليه، لكنه ينتقل الآن إلى قطاع حكومي بيروقراطي، يختلف جذرياً عن شركة أرامكو بكل ما فيها من مرونة وانضباط في الوقت نفسه، فهل سيتمكن من وضع بصمته عليها، وينقل الصحة إلى مزيد من الدقة والانضباط وجودة الأداء كما هو شأن أرامكو السعودية؟.. هي أسئلة قد أجد بعض الإجابات فيما صاحب تعيينه وزيراً للصحة مؤخراً. فإن يتم إعفاء نائبي وزير الصحة الدكتور الحواسي والدكتور خشيم، قبل أن يدخل الفالح بوابة الوزارة، وأن يُمنح الفالح منصباً داعماً ومهماً كمنصب رئيس مجلس إدارة أرامكو، فهي مؤشرات مهمة في منحه كل أسباب النجاح في مهمته الصعبة، حيث يمكنه اختيار نائبين له، إضافة إلى قدرته الاستعانة بإمكانات أرامكو، سواء الكوادر البشرية أو الدعم المالي، مما يوفر مبدئياً كل آسباب النجاح.. إذا تحقق نجاح الفالح في الصحة فهو إنجاز وطني كبير.