كغيرها من العواصم احتفت العاصمة النمساوية فيينا، أمس بيوم العمال، وبهذه المناسبة شهدت المدينة أكثر من برنامج رسمي وشعبي حافل ومتنوع، كما فاضت الأماكن العامة بالمحتفلين، وخاصة أن الطقس كان ربيعيا جميلا. في هذا السياق، حظيت فعاليات فندق جديد بإقبال ودعم واسع من رواد فضّلوه على غيره تشجيعا لعماله والقائمين عليه، وجميعهم من اللاجئين الذي حصلوا أخيرا على حق العمل بالنمسا بعد سنوات انتظار قضوها في معسكرات نائية قصية ومكتظة تخصصها الحكومة النمساوية لطالبي اللجوء. يوم أمس، لم تسعَ عمال الفندق واسمه «ماقداس» الفرحة وهم يرحبون بحشود من سكان فيينا ممن قصدوا «التراس» الخارجي الملحق بالفندق، مستمتعين بموقعه الاستراتيجي بالقرب من الحدائق الخضراء حول ساحة الألعاب أو «البراتا» التي تعتبر من أهم المعالم السياحية بفيينا. يعود تأسيس الفندق لفكرة رعتها منظمة خيرية باسم «كارتياس» معروفة بنشاطها في مجال الخدمات الاجتماعية الراعية للاجئين. وانطلقت الفكرة من حقيقة أن لكثير من اللاجئين مهارات وخبرات يمكن الاستفادة منها بدلا من حرمانهم من حق العمل طيلة فترات انتظارهم حتى تقرر الحكومة في قبولهم كلاجئين. وجاء التمويل الأساسي للفندق كمشروع اقتصادي وليس مجرد عمل خيري، مساهمة من منظمة كارتيس التي وفرت له قرضا قيمته 1.6 مليون يورو، كاستثمار يضاف لاستثماراتها فيما يوفر للاجئين الذين تم استيعابهم فرصة ثمينة لعمل منظم مما يساعدهم على الاندماج في المجتمع، ومن ثم البحث لمن شاء منهم عن فرص أوسع وفقا لمؤهلاتهم وخبراتهم. يقوم العاملون ومنهم الغيني والنيجيري والمغربي والصومالي والباكستاني والجزائري والبوسني والإيراني بكل ما تتطلبه إدارة فندق من أعمال يومية بما في ذلك السباكة والصيانة والكهرباء وعزف آلات موسيقية، وبالطبع الاستقبال والنظافة والطبخ والضيافة مما يعكس مهارات وخبرات مستمدة من ثقافات متنوعة مع نكهة نمساوية انصهرت في مشروع اقتصادي ناجح وليس مجرد عمل خيري. يضم الفندق 78 غرفة ويقوم على إدارته 25 لاجئًا من 16 جنسية يتحدثون 28 لغة من بينها العربية والفرنسية والإسبانية والأردية والسواحيلية، بالإضافة للألمانية لغة البلد والإنجليزية، كما أنهم خليط من ديانات وأعمار مختلفة. من جانبها، لم تتوانَ جهات كثيرة عن دعم هذا المشروع بأكثر من وسيلة، فمنها ما دعمه متبرعة بمختلف الأثاثات، فيما نشطت كليات فنون في تزيينه بلوحات وديكور مرح ومميز. ومن جانبها، تبرعت شركة سكك حديد النمسا «شركة القطارات» بعدد من حقائب السفر. وأشادت وسائل الإعلام بفكرة الفندق الذي أصبح مزارا لقطاعات تبدي إعجابها بالتجربة وبنجاح لاجئين وتفضيلهم العمل بدلا من البقاء عالة على دافع الضريبة.