استبشر المواطنون بالأمر الملكي الذي صدر بتعيين م. خالد الفالح وزيراً للصحة، وهو رئيس شركة "أرامكو السعودية"، والتفاؤل الذي واكب التغيير الجديد في "الصحة" أن الوزير "الفالح" تسبقه سمعته المذهلة خلال ثلاثة عقود من الزمن وفي العمل الجاد المنتج ، ويكفي أنه قادم من " أرامكو السعودية"، الشركة عالية الانضباط والانجاز. ولذلك فالمواطنون، وأيضاً منسوبو الصحة، يتوقعون أن تذهب أدواء الصحة على يد الوزير الفالح، هم متفائلون أن الفالح سيفلح في "الصحة" كما هو صاحب رصد مميز في أرامكو السعودية.. استبشار بالوزير الجديد القادم بثقافة «أرامكو السعودية» علاج «أمراض الصحة» مرهون بدعم القطاع الخاص للاستثمار في «الصحية» الوزير الفالح ينتظره ركام هائل من العمل والتوقعات .. أما ركام العمل فمرده إلى الارتباك الذي حدث في قطاع الصحة العريض بسبب التغييرات المتوالية في قيادة الصحة، فهذه التغيرات، وعدم الركون إلى خطط واضحة، وكل وزير يأتي برؤية وبجماعة من أهل الثقة، وعندما يذهب يطال التغيير الوظائف التي أوجدها أو الأشخاص الذين أتى بهم .. وهكذا أصبحت الصحة وزارة غير مستقرة، وانعكس هذا الطابع على مسيرة العمل والمنتج الوحيد الذي لدى الوزارة ،وهو الخدمات الصحية. وقد بلغ تردى الأحوال الناجمة عن "عدم الاستقرار" أن مستشفيات كثيرة عانت من نقص الخدمات، وعدم توفر أطباء، وبالتالي عدم وجود تشخيص أو علاج .. ويذهب بعض من استطلعت " الرياض " رأيهم تجاه التغيير الجديد في الصحة ، إلى مر الشكوى من سوء الخدمات، لدرجة عدم إمكانية إجراء عملية الزائدة ! في مستشفى كبير وداخل محافظة مكتظة بالسكان. ويدرك المواطن أن توفير خدمات صحية راقية هو في مقدمة اهتمامات القيادة، وليس أدل على ذلك من حرص خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، على اختيار القيادي المناسب لإدارة شؤون مرفق الصحة، ومؤخراً التقى بمسؤولي القطاع الصحي ( حكومي وخاص)، وزودهم بتوجيهاته، وبضرورة تلبية احتياجات المواطنين، وأن تكون الخدمة التي تقدمها المنشآت الصحية بحجم الميزانيات التي تخصص الدولة للقطاع في كل عام . ويرى مراقبون ومتابعون لأحوال " الصحة"، والجمود الذي طال خططها وبرامجها، أن جانبا كبيرا من معالجة " أمراض الصحة" سيكون بالتقارب والتصالح مع القطاع الخاص، ودعم المستثمرين في الخدمات الصحية، من خلال إصلاح الأنظمة، وتقديم التسهيلات ، ليتشاطر القطاع الخاص العبء مع " الصحة". ومؤخرا طُرحت أفكار قابلة للتطبيق لو تمت دراستها بفكر منفتح. ويوسع آخرون زاوية الرؤية لتجويد الخدمات الصحية للحديث عن جوانب لم تكن مطروقة، ويخال أنها من المحظورات، بل البعض وصفها بأنها "عش الدبابير "، وهي أن 60% من شؤون الصحة ملقاة على عاتق الوزارة، والنقد أو الهجوم دوماً يكون منصباً على الوزارة في حين أن ال 40 % الأخرى، أو أكثر تابعة لجهات أخرى ، وعلى ضخامة تجهيزاتها واستعداداتها، والمباني التي تضخ فيها فهي " جزر معزولة " ، أو كانتونات شبه مغلقة على فئات وشرائح بعينها. ومن هنا يرى المتابعون أن حلحلة إشكالات الخدمات الصحية في المملكة مرهونة بوضع جميع الجهات والقطاعات التي تتولى " منتج الصحة" تحت مظلة واحدة.. فلا شك أن إمكانات الخدمات الصحية كبيرة ومتطورة في وزارة الدفاع ، وفي الحرس الوطني, وفي قوى الأمن الداخلي ، وقطاع الجامعات، والمستشفيات التخصصية التابعة لمؤسسات حكومية .. وهذه الجهات تخدم منسوبيها، وليست مفتوحة للمواطنين بصورة عامة وشامله كما هي منشآت وزارة الصحة. فكم سيكون العائد ملموساً على المواطنين عندما تصبح " الصحة " كياناً واحداً متحداً . وبالمثل هناك خدمات تخصصية في القلب والكبد وغيرها مهمة زادت حاجة المواطنين لها تجدها موزعة بين هذه القطاعات ومتكدسة في مدن محدودة جدا، والتصور أن جمع هذه الخدمات وتوحيد إدارتها سيرفع قدرات مقدميها، ويوفرها بدل أن تكون عزيزة ويصعب عل المواطن الوصول إليها إلا بشق الأنفس وتكبد العناء. وبالتوازي مع مقدم وزير بعقلية الفالح، يذهب المتفائلون بنتائج مقترح " المظلة الموحدة" إلى أن المجلس الصحي السعودي، الذي يرأسه وزير الصحة، يضم ممثلين للجهات التي أشرنا إليها، على أساس التنسيق، ولكن ظل هذا التنسيق شكلياً .. وربما يرى هؤلاء أن يتم دعم المجلس ليصبح هو المظلة التي تجمع مقدمي الخدمة الصحية، وتصاغ سياسة موحدة للعمل بينها.. وقناعة هؤلاء أن الخدمات الصحية لن ترتقي، ولن تنتشر وتتوسع لتصل المواطن في كل مكان إلا بإيجاد جسور قوية بين "الجزر المعزولة " وتكون الخدمة الصحية في تلك مبسوطة للمواطن ومتاحة له وليست محصورة على شريحة المنسوبين. ومن المؤمل ان تصبح الخدمات الصحية أكثر تكاملاً لو تم ربط " توحيد المظلة "، مع عنصر آخر مهم ، وهو هدر الوقت والجهد في المراجعة بين المستشفيات بتعقيدات الملف الطبي للمراجع، وحل هذه " المعضلة " بتطبيق موحد للملف الطبي بحيث تكون بيانات الملف متاحة عند مراجعة المريض أي منشأة صحية ( حكومية أو خاصة) في اي منطقة او محافظة .. أليس مستغرباً أن تكون هذه الإشكالات موجودة ، على الرغم من توفر الطاقات البشرية الإدارية والطبية، والقدرة على تقديم الحلول التقنية .. أليس معيباً أن تعوق هذه الإشكالات تقديم خدمة صحية توازي إمكانات المملكة؟