×
محافظة المنطقة الشرقية

حملة «الصباح الباكر» تطيح بـ 85 مخالفا ببقيق

صورة الخبر

يتذكر الروائي الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز في فيلم وثائقي بثته قناة أميركية جوانب من طفولته وسيرته وبدايته كصحفي، ولعل أبرز ما يثير الاهتمام على الأقل بالنسبة لي الدور الذي لعبته النساء في حياته عندما كان طفلا، فيقول:" كنا رجلين فقط في بيت مليء بالنساء. كانت حياتي غريبة؛ لأن النساء اللواتي خضعن لقوانين جدتي، يعشن في عالم خارق، عالم رائع ترى فيه كل شيء ممكنا. معظم الأشياء التي لا تصدق كانت جزءا من حياتنا اليومية. لقد اعتدت على هذه الطريقة في التفكير، لكن جدي كان أكثر الرجال الذين عرفتهم واقعية. كان يحدثني عن الحرب الأهلية وعن كل الحيل السياسية. كان يحدثني كما لو كنت راشدا. لذلك انقسمت حياتي بين عالمين، عالم جدي الذي كنت اقضي معظم أيامي معه، ويخصص لي الكثير من وقته، وعالم النساء، العالم الموازي لعالم جدي، لكنني مع ذلك كنت أجلس وحدي في الليل". ويتابع ماركيز حديثه عن أثر جدته عليه كطفل وكيف تطور ككاتب جراء هذا الأثر: "كانت جدتي بمثابة أم لي. كانت الشخصية الخرافية في حياتي. لطالما شعرت أن لديها ارتباطا سريا ببعض القوى الخارقة؛ لأنها كانت دائما ما تبهرني في طفولتي عند رؤية كيف تمتلك دائما الطريقة لمعرفة الأشياء والتنبؤ بها، والاحتفاظ بالنذور التي يجب أن تفي بها. كانت من النوع العصبي، وتوفيت وهي عجوز هاذية تماما، بطبيعة الحال. لكن الشيء الآخر الذي أتذكره جيدا هو أنها كانت تتحدث لغة أسبانية استثنائية، مهجورة جدا، وفيها الكثير من الصور الفاتنة. كانت هذه نقطة الانطلاق بالنسبة لي ككاتب. لقد بحثت الآن عن كل مصطلحاتها ولزماتها ولكنتها. أعرفها الآن كلها عن وعي. لكنني نشأت مع تلك الكلمات وتلك المصطلحات، كما لو أنها هي الأسلوب الطبيعي لحديث الناس، لأنها كانت تستخدمه في حديثها. بهذه اللغة، كتبت كتبي". ويكمل ماركيز حديثه عن الفترة التي عاشها في المنفى في باريس تحديدا:"ما كان مهماً بالنسبة لي في باريس، هو أن اكتسب وجهة نظري عن أمريكا اللاتينية، لأنني في أمريكا اللاتينية أنا مجرد كولومبي، وكاريبي، لديّ انتماء عميق للبحر الكاريبي، لكنني في باريس أصبحت حذرا من ثقافتي ومن الثقافة العامة التي تحاول الثقافة الكاريبية أن تحشر نفسها فيها. في المقاهي، كنت أجالس الأرجنتينيين بانتظام، وأشخاصا آخرين من أميركا الوسطى، ومكسيكيين وكاريبيين من بلدان مختلفة. كان الطغاة في كل مكان في ذلك الوقت. كان هناك جوستافو روخاس بينيا في كولومبيا وبيريز جيمينز في فنزويلا ومانويل أودريا في بيرو ورافاييل تروهيلو في سان دومينيغو وخوان بيرون في الأرجنتين. كان الطغاة في كل مكان، وكان هناك فولجنستو بانيستاز الدينار في كوبا. كنت أقيم في شارع كوجاس على يمين الحي اللاتيني. ويقيم في البناية المقابلة لي الشاعر نيكولاس غيين. كانت زياراتنا له أشبه بالحج. كل منا كان ينتظر أخبارا عن بلده. في أحد الصباحات الباكرة كما اعتاد أن يصحو في كوبا، انحنى من نافذة منزله، وصاح:"لقد سقط!"، كل واحد منا ظن أن المقصود هو ديكتاتور بلده". ثم يتابع الحديث عن بدايته كمراسل صحفي:" أرغب في العودة إلى الصحافة، وقبل كل شيء أن أكون مراسلا؛ لأن لدي شعورا أن التقدم في الأدب، يفقدك إحساسك بالواقع. من ناحية أخرى العمل كمراسل يوفر فرصة التواصل الفوري مع الواقع". ثم يكمل عن السبب الذي دفعه إلى التوجه نحو الصحافة :"أود القول انني اتجهت إلى الصحافة؛ لأنني كنت مهتماً بقول الحقيقة أكثر من اهتمامي بالأدب. فلابد -من هذه الزاوية- اعتبار الصحافة جنسا أدبيا خصوصا في التحقيق الصحفي أو (الريبورتاج). لطالما دافعت عن هذه الفكرة؛ رغم أن الصحفيين يرفضون الاعتراف بهذا. في الواقع، هم يبخسونه قيمته. بالنسبة، التحقيق الصحفي قصة متجذرة كليا في الواقع. على الرغم من أن القصة القصيرة أيضا -كما في السرد عموما- مستوحاة من الواقع. دائما ما يعتمد الأدب على تجربة ما، لا يوجد أدب متخيل كليا. أدركت أن توجهي للصحافة كان جزءا من هذه العملية. كانت مجرد مرحلة أخرى. ليس لأجل اكتسابي ثقافة أدبية، بل لتطوير مهنتي الحقيقية وهي: سرد القصص".