×
محافظة المنطقة الشرقية

اكتمال عقد ربع نهائي دورة السوبر

صورة الخبر

الرباط: محمد بوخزار ولطيفة العروسني الدار البيضاء: لحسن مقنع يشبه المشهد الحزبي الحالي في المغرب، في بعض السمات والملامح، ذلك الذي عرفه المغاربة عقب استقلال بلادهم عن فرنسا بمقتضى عقد الحماية الذي وقع بين الطرفين عام 1912 في فاس وهي العاصمة السياسية لـ«المملكة الشريفة» قبل أن يحولها الفرنسيون إلى الرباط. وبالنسبة لكثير من متتبعي تطور الشأن السياسي في المغرب الحديث، فإن «العراك الحزبي» الشديد، لم يتوقف منذ استقلال البلاد عام 1956؛ بل يمتد إلى ما قبل ذلك اليوم المشهود، حين عاد الملك محمد الخامس من منفاه، معلنا انتهاء عهد الحجر والحماية والانتقال من «الجهاد الأصغر» إلى «الجهاد الأكبر» لبناء الدولة الحديثة؛ وكأنه استشعر في وقت مبكر رعودا سياسية في سماء المغرب المستقل. * انحصر الصراع السياسي، عقب الاستقلال، في دوائر محدودة، بالنظر إلى تخلف البلاد وانتشار الأمية وضعف الوعي السياسي والوعاء الحزبي. وظل القصر الملكي دائما في قلب الأحداث، كونه اختار، في اللحظات الحرجة، الانحياز إلى الشعب، وبالتالي استمر فاعلا قويا ومؤثرا. وقبل أن يولي الاستعمار الفرنسي أدباره، حرص على ضمان مصالحه، تاركا الحقل السياسي غير مكتمل النضوج، مفتوحا على احتمالات الصراع بين القوى الوطنية، بتياراتها، في مواجهة فلول القوى المحافظة التي ساندت الاستعمار، بوعي أو جهل منها. إن ما يشهده المغرب حاليا من مشادات وتجاذبات حزبية عنيفة لفظيا بين الحكومة والمعارضة من جهة، وبين أحد مكونات الغالبية، (حزب الاستقلال) والحزب القائد لها، من جهة أخرى، ليس غريبا ولا جديدا على المغرب الذي عاش وضعا شبيها لهذا منذ فجر الاستقلال، حينما اشتد الصراع بين الفاعلين الحزبيين المستندين إلى شرعية «النضال» ضد المحتل الفرنسي، في غياب صناديق الانتخابات القادرة على إعطاء كل فريق ما يستحقه. وقف القصر الملكي إجمالا على مسافة بين التنظيمات الحزبية المتصارعة، ممسكا العصا من الوسط. لم يكن سهلا على الملك الراحل محمد الخامس، وهو رمز الاستقلال، ورفعه الشعب إلى أسمى المراتب، ممارسة تمييز بين الفرقاء أو الميل لفئة سياسية، فكل الأحزاب في نظره ناضلت من أجل عودته إلى كرسي الملك رمزا للمشروعية. يتشابه في بعض الأوجه ديكور المسرح السياسي في المغرب عقب الاستقلال، مع التطورات الراهنة؛ فما بين عام 1956 ووفاة الملك محمد الخامس عام 1961، حكم البلاد جهاز تنفيذي رأسه رئيس الحكومة، بصلاحيات أكبر من التي منحت للوزير الأول المقبل، بمقتضى الدستور الأول للمملكة الصادر عام 1962، الذي حافظ، وكذا الدساتير التي تلته، على مركز محوري للملك بصلاحيات كبيرة، لضمان توازن السلطة بين الفرقاء في بيئة سياسية مبللة وغير مؤهلة بالكامل. لم يوقف «تدخل الملك»، لضبط المشهد، نبض «التعددية» في قلب الحياة السياسية المغربية؛ لذا كان الانتقال الدستوري، لاحقا، نحو صيغة دستور يوليو (تموز) 2011، طبيعيا إلى حد كبير.. مهد له، تسليم السلطة الحكومية إلى المعارضة عام 1998، مما ساهم في انتقال الحكم بسلاسة إلى الملك محمد السادس الذي دشن عهده بإطلاق ورشات عمل كبرى لاستكمال البنيات التحتية الأساسية، فتغير وجه المغرب، على مدى السنوات الماضية. وحينما هبت رياح الربيع العربي، واجهها الملك بعقلانية وثقة في النفس، بل ربما وجد فيها المبرر الفكري والسياسي لما أنجزه أو ينوي إنجازه من تغييرات، مستشعرا ضرورة المضي بخطى أسرع في النهج الإصلاحي الذي باشره والده، لكن بإيقاع بطيء، كثيرا ما أغضب المعارضة الحزبية المستعجلة. تصفح الدستور الجديد يظهر التغييرات الجوهرية والإضافات النوعية التي حفلت بها الوثيقة الأسمى في الدولة؛ الدستور الجديد، وهو ما قربها من دساتير الأنظمة الديمقراطية الحديثة، في سعي واضح نحو تمكين ممثلي الأمة من السلطة، والإبقاء على دور الملك ضامنا للاستقرار والوحدة، والتحكيم بين الفرقاء حين يتعذر اتفاقهم. نحى الدستور الجديد المواقع السيادية الحساسة عن حلبة التنافس السياسي في قطاعات الشأن الديني والأمن والدفاع الوطني، وما عدا ذلك، آل إلى رئيس الحكومة الذي يستمد سلطته من ثقة المؤسسة التشريعية التي تحاسبه، ولم يعد مسؤولا أمام الملك وحده. ودون الإفاضة في ذكر مزاياه، استجاب الدستور المغربي المتوافق عليه، لأهم مطالب الإصلاح التي نادت بها الأطياف السياسية والفكرية في المغرب على مدى العقود الماضية؛ بدءا من ستينات إلى تسعينات القرن الماضي. من الطبيعي أن «تخلخل» الوثيقة الدستورية، الحقل السياسي المعتاد على الركود وغير المؤهل للتفاعل الناجع مع «الصدمة الدستورية».. لقد ألف الناس ملكية تنفيذية تتدخل في التسيير والتدبير. وحاولت أحزاب وتشكيلات سياسية وضع نفسها على مقاس الوثيقة الدستورية الجديدة، لكن الحقل الحزبي، ظل حافلا بكثير من «الأعشاب والنباتات الضارة والطفيلية» تؤجج الصراعات الداخلية، فتنتاب الملاحظ الحيرة وانعدام القدرة على الإمساك بالخيط الناظم المتحكم في اللعبة الحزبية بالمغرب. في هذا الخضم، وفي غياب وضوح الرؤية للتعامل مع بنود الوثيقة الدستورية المتقدمة على الحقل السياسي، منحت الانتخابات التشريعية الأخيرة، المرتبة الأولى لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية (107 مقاعد).. حصة لم يكن يتوقعها الإسلاميون الموصوفون بالاعتدال.. استثمروا أفضل من غيرهم، أجواء الحراك الشعبي في الشارع، وابتهجوا بالفوز المبين، وأعلنوا جاهزيتهم للإشراف على تدبير الشأن العام، بتحالف مع مكونات حزبية أخرى. انتاب معسكر الأحزاب «الليبرالية والديمقراطية» إحساس بالذهول مما أصابها وأفرزته صناديق الاقتراع يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وخاصة «تحالف الثمانية» (جي 8) الذي زين له النصر الانتخابي الكاسح، بناء على حسابات وتقديرات غير دقيقة، راهنت على احتمالات انحياز السلطة بل تدخلها لصالحه. هناك من الأحزاب من تضاعف إحساسهم بالذنب السياسي كما هو الشأن بالنسبة لـ«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» الذي لم تتوقف أسهمه عن الانحدار في مختلف الاستحقاقات. رغم ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية، وأمينه العام عبد الإله ابن كيران، أصر حتى آخر لحظة، خلال المشاورات، على إشراك «الاتحاديين» في فريقه الحكومي، معبرا بأسلوبه الشعبي البسيط «باغيهم (أريدهم) أن يسخنوا أكتافي». لكن الاتحاد الاشتراكي رفض عرض الإسلاميين. فهل رفض حزب القوات الشعبية المشاركة في الحكومة، نابع من قناعات فكرية وتحليل للوضعية المستجدة أراد من خلالها أن يسترد الأنفاس وإعادة البناء المتصدع، أم دفع إلى رفض التعاون مع الحكومة الملتحية، ليظل قوة احتياطية تنفع في أوقات الشدة؟ هذا «الاتهام» ينفيه الاتحاديون جملة وتفصيلا، رغم أن جناحا منهم لا يستبعده بل حذر منه رافضا بعنف التدخل في توجيه الحزب. لقد برر الاتحاد الاشتراكي الابتعاد عن الإسلاميين برغبة المناضلين وشرائح المتعاطفين في عودة حزبهم إلى صفوف المعارضة. والحقيقة أن الاتحاد، لأسباب داخلية، أظهر في البداية نوعا من التسليم والقبول بالمنهجية الديمقراطية التي أوصلت الإسلاميين إلى رئاسة الحكومة، وشرع في خطة معالجة أمراضه. في غضون ذلك، اتسمت معارضته، بالتركيز على الاختلاف بين مرجعيته الآيديولوجية، وتلك التي تتبناها «العدالة والتنمية». وسارت الأمور هادئة إلى حين. وبينما كان متوقعا، وحسب المنطق السياسي الواضح، أن تهب رياح المعارضة العاصفة والجامحة ضد الإسلاميين، من الاتحاد الاشتراكي، فإذا بها تنفجر من حزب شريك لهم في الحكومة، يقاسمهم كثيرا من المبادئ والمنطلقات الفكرية الملونة بالدين. إنه حزب الاستقلال المقترن باسم مؤسسه العلامة المجتهد والوطني الكبير علال الفاسي. اشتد أوار معارضة الاستقلاليين بتخطيط من زعيمهم الجديد، النقابي حميد شباط، المتخرج من جامعة الشعب، كما يقول مفتخرا بنفسه. ذلك أنه وجه مدفعيته الثقيلة صوب الإسلاميين، بمجرد أن استوت جلسته على كرسي الأمانة العامة للحزب.. ربما وجدها فرصة سانحة لتثبيت وضعه أمام معارضيه، وممارسة نمط قيادة مخالف لذلك الذي اتبعه سلفه، عباس الفاسي، آخر رئيس للحكومة قبل دستور 2011. وزع شباط ضرباته الهجومية في أكثر من اتجاه. صفى حسابه مع سلفه الفاسي، ولامه على رضاه أثناء تفاوضه مع الإسلاميين بحقائب وزارية غير متناسبة مع حجم الحزب وهو الرقم الأساس في المعادلة الحكومية. وهو نقد حرك شهية في نفوس شباب الحزب، واعتبروا أنهم الأحق بالاستيزار، في إطار التداول العادل على المسؤولية الحكومية، مستنكرين بدورهم أسلوب تفاوض القيادة السابقة التي اتهموها بتوزيع الحقائب الوزارية بين الأصهار والأقارب. أراد شباط من خلال ذلك أن يظهر بوصفه منصتا لنبض القواعد الحزبية ولفئة المستضعفين فيها. بدأ في إطلاق نار كثيفة على الحكومة برمتها، متهما رئيسها شخصيا بالاستحواذ والاستئثار والتصرف بصفة رئيس حزب، والخروج على ميثاق الأغلبية الحكومية. نسب شباط إلى ابن كيران أخطاء سياسية؛ بما فيها التي لا حول ولا قوة لهذا الأخير فيها، وحرض وزراء حزبه ليصبحوا معارضين داخل الحكومة. هؤلاء وجدوا أنفسهم ضائعين بين أكثر من نار حامية، تارة يطلقها عليهم زعيمهم ومن معه، وأخرى تأتيهم من زملائهم الوزراء في الحكومة، لعجزهم عن فض خلافاتهم الداخلية في حزبهم. أضيفت نيران أخرى، أشد قوة وضراوة، أشعلتها الصحافة المغربية والرأي العام الذي استطاب فصول الملهاة السياسية وما فيها من عناصر الإثارة واللامعقول. أفعم النقد وحتى السخرية «الحكومة الملتحية» التي بدت مرتبكة رغم تأكيدات رئيسها أن فريقه يعمل في انسجام ووئام، بمن فيهم وزراء الاستقلال، ملتزما بتنفيذ البرنامج الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه. موقف «اللامبالاة» من طرف ابن كيران أجج غضب شباط، الذي قال إنه استنفد المساعي التوفيقية لتجنيب البلاد أزمة إضافية هي في غنى عنها، وأنذر رئيس الحكومة، مزمجرا ومهددا بسحب وزراء حزبه، معطيا إياه مهملة، لم يعرها ابن كيران الاهتمام الذي توقعه شباط. الآن وقد نفذ شباط تهديده وقدم وزراؤه استقالاتهم إلى رئيس الحكومة، طبقا للدستور، باستثناء وزير التربية الذي شق عصا الطاعة على الأمين العام.. استمر ابن كيران في تحديه، محتفظا باستقالات الوزراء، متريثا في عرضها على الملك للتصديق عليها لتصبح نافذة المفعول، فابن كيران من خلال تصرفه هذا لا يريد أن تنعت حكومته بأنها حكومة «تصريف أعمال» مستغلا المهلة لفتح باب التفاوض مع مكونات المعارضة. كيف يمكن الخروج من وضعية سياسية حرجة ومقلقة؟ للجواب على ذلك ترى طائفة من المحللين أن الأزمة في عمقها وجوهرها سياسية. وما يحدث في صفوف الحكومة، هو أحد مظاهرها، وبالتالي يجب، من وجهة نظرهم، معالجة الأزمة بعقلنة المشهد السياسي، مما يقتضي مراجعة كثير من «التوافقات» بينها الموقف من الدستور نفسه. ويذهب هؤلاء إلى حد المطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، رغم تخوفهم من إعادة إنتاج الوضع الحالي. ويرى مراقبون أنه يجب الإقرار بوجود أزمة حكومية، يستدعي المعالجة بما درجت عليه المجتمعات الديمقراطية من إجراءات طبيعية، بينها إجراء تعديل واسع، وتحيين الميثاق الحكومي على ضوء مخرجات الساحة السياسية وإفرازاتها وميزان القوى الجديد. قد يتطلب ذلك توسيع القوى المشاركة في الحكومة نحو صيغة ائتلاف، تختفي معه إلى حين ثنائية «معارضة/ أغلبية» لغاية استكمال البناء الديمقراطي. يذكر أن الظرف التاريخي والمزاج السياسي العام في المغرب والمشرق عموما، لا يساعد ولا يسهل اختيار حل وتفضيله على المقاربات الأخرى. وهنا تقع المسؤولية على الطبقة السياسية برمتها. وفي هذا الصدد، يلاحظ أن العاهل المغربي، يتعامل مع «الزوبعة الحكومية»، وكأنها تطور طبيعي، من نتاج العهد الديمقراطي. ذلك أنه أعطى إشارة الاطمئنان والتهدئة إلى أبرز الفاعلين والقوى السياسية.. فهو استمع إلى مطالب شباط وقد يكون أوحى له أنه سينظر فيها، ويوليها العناية الكاملة انسجاما مع المصالحة العليا للبلاد. وفي ذات الوقت، اجتمع الملك برئيس الحكومة، واستمع إلى تحليله ورؤيته للأوضاع. لقد مارس الملك محمد السادس حتى الآن، بهدوء، الدور التحكيمي الذي أوكله إليه الدستور باعتباره ضامنا للوحدة والاستقرار والأمن. ومن المؤكد أن الملك ومستشاريه، يستعرضون كل البدائل غير المتعارضة مع الدستور ويتيحها الاجتهاد الفقهي على اعتبار أنها الكفيلة بإعادة القاطرة الحكومية إلى سكتها، دون استبعاد استبدال من يمسك بمقود القاطرة التي تجر العربات. هل يلزم مثلا تقليص العربات الحكومية، ليتحرك القطار بأسرع مما بدأ؟ ومن يزيح «الحواجز» من السكة؟ وكيف تغلب المصلحة العليا على مكاسب الأشخاص والأحزاب؟ ويرى عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن ظاهرة خروج معارضة من داخل الغالبية الحكومية يرجع إلى ضعف الأحزاب المغربية. وقال اسليمي لـ«الشرق الأوسط»: «في المغرب ليست لدينا أحزاب قوية؛ بل أحزاب متوسطة، إضافة إلى اعتماد نظام انتخابي لا يمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية المطلقة، وبالتالي، فالأحزاب الفائزة في الانتخابات تضطر للدخول في تحالفات من أجل تشكيل غالبيتها البرلمانية والحكومية». وأضاف اسليمي: «خلال كل التجارب التي عرفها المغرب مند حكومة التناوب في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، كانت هناك صراعات داخل الغالبية الحكومية، سواء في عهد عبد الرحمن اليوسفي أو إدريس جطو أو عباس الفاسي». بيد أنه أشار إلى أنه في كل هذه التجارب عرف الوزراء الأولون (رؤساء الوزارة) كيف يتعاملون مع هذه المعارضة من الداخل، وكانوا ينجحون عبر الحوار والمفاوضات في تعويم الصراع وتذويبه، ولم يتركوا أبدا الأمور تصل إلى درجة أن يقرر حزب مشارك في الحكومة أن ينسحب منها.وأوضح اسليمي أن «الوضع اليوم مختلف.. لدينا رئيس حكومة بصلاحيات لم تكن تتوفر لسابقيه بمقتضى الدستور الجديد. ورغم ذلك، فإننا نلاحظ أنه لم يستطع تجاوز الأزمة». ويرى اسليمي أن «الخلل موجود في أسلوب إدارة التحالف وتدبير الاختلاف من طرف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي لم يعرف كيف يستقر في موقعه الجديد رئيسا للحكومة وقائدا للغالبية، وبقي موزعا بين دوره أمينا عام للحزب ودوره رئيسا للحكومة». ويرى اسليمي أن ابن كيران كان بإمكانه تطويق الخلاف مع حزب الاستقلال بالدخول في حوار مع أمينه العام حول مطالبه منذ أن قدم هذا الأخير مذكرته الأولى إلى رؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، التي طالب فيها بمراجعة ميثاق الغالبية، وإجراء تعديل حكومي. وأضاف اسليمي أن ابن كيران أخطأ عندما تجاهل بشكل كلي مطالب شباط. وقال: «هذا الأخير زعيم نقابي، واستراتيجية النقابي تقوم على انتزاع المكتسبات. هذا العنصر هو الذي أغفله ابن كيران عندما ترك شباط ينتظر ولم يرد على مطالبه». ولم يستبعد اسليمي إمكانية إعادة ابن كيران التفاوض مع شباط، وتقديم تنازلات سبيلا لحل الأزمة الحالية. وقال: «هذا الحل، الذي أعتبره تصحيحيا، جد وارد. لكن هناك حلول أخرى، مثل فتح مفاوضات مع حزب التجمع الوطني للأحرار المعارض. كما يمكن أن يتجه ابن كيران إلى توسيع التحالف في اتجاه حكومة وحدة وطنية هدفها تطبيق الدستور، وقيادة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة». واستبعد اسليمي خيار إجراء انتخابات مبكرة نظرا لتكلفتها السياسية والاقتصادية. ويشاطر المحلل السياسي الحسان بوقنطار اسليمي الرأي بأن عدم تفاعل ابن كيران مع مطالب شباط كان السبب الرئيس في الأزمة. وقال بوقنطار لـ«الشرق الأوسط» إن ابن كيران استهان بعزيمة شباط ولم يقدر إصرار قيادة حزب الاستقلال على الدفاع عن مطالبها.. و«تجلى ذلك في الاستخفاف الذي تعامل به مع مذكرة مطالبها». ويرى بوقنطار أن فتح مفاوضات من أجل تشكيل غالبية جديدة لن يكون سهلا؛ إذ أن الحزبين المشاركين حاليا في الحكومة؛ الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، سيغتنمان الفرصة أيضا لإعادة طرح حصصهما داخل الحكومة للتفاوض. وأضاف: «يجري الآن الترويج لإمكانية دخول التجمع الوطني للأحرار مكان حزب الاستقلال المنسحب، رغم خصوماته مع (العدالة والتنمية).. لكن السؤال الكبير هو: ما الشروط التي سيقبل بها حزب الأحرار المشاركة في الغالبية، ومدى استعداد حزب العدالة والتنمية لقبولها». واستبعد بوقنطار إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، غير أنه يرى إمكانية استمرار حكومة ابن كيران كما هي دون اللجوء إلى إدخال مكون آخر. وقال: «في الديمقراطية يفترض أن تتوفر الحكومة على غالبية. لكن يمكن أن تكون الحكومة أقلية شريطة أن تتعهد المعارضة بالتعامل معها بليونة ومن خلال معارضة بناءة على أساس توافقي». من جهته، يرى العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في كلية الحقوق بطنجة، أن الدعوات التي تطالب بإجراء انتخابات تشريعية سابقة أوانها، وأنها ليست سوى نوع من التحدي من قبل بعض الأحزاب السياسية، وليست إجراء عمليا بالنظر إلى الوضع السياسي الحالي والتكلفة السياسية والمالية للانتخابات. وأوضح بوخبزة أن «جل الأحزاب السياسية المغربية خرجت مرهقة بشكل كبير من ماراثون انتخابات 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، ومعظمها لم يلملم بعد أوضاعه الداخلية، وبالتالي فإن السيناريو المحتمل جدا هو الانفتاح على حزب التجمع الوطني للأحرار أو حزب الاتحاد الدستوري المعارضين»، مشيرا إلى أن «المفاوضات مع الحليف الجديد لن تكون سهلة لسببين؛ الأول هو أن الأمر يتطلب إعادة ترميم التشكيلة الحكومية بكاملها، أي إعادة توزيع الحقائب الوزارية، مما قد يستغرق وقتا طويلا بالنظر إلى صعوبة العملية؛ إذ لاحظنا أن هناك أصواتا داخل الغالبية الحكومية الحالية تطالب بإعادة النظر في توزيع الغنيمة». وأشار بوخبزة إلى نقطة أخرى وهي أن التفاوض مع الحليف الجديد لن يقتصر فقط على تعويض وزراء حزب الاستقلال في المناصب التي كانوا يشغلونها داخل الحكومة، بل سيطال أيضا منصب رئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) الذي يشغله الاستقلالي كريم غلاب. وقال عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية إن «الأولوية لدينا هي فتح مشاورات مع أحزاب المعارضة من أجل تشكيل غالبية برلمانية جديدة، لكن في حال فشل هذه المشاورات وعدم وصولها إلى النتيجة المرجوة، فمن دون شك سيكون الحل من الناحية السياسية والدستورية هو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة تفرز مشهدا سياسيا جديدا وتفضي إلى بناء حكومة جديدة». وعن هوية الحليف الجديد المحتمل، قال حامي الدين لـ«الشرق الأوسط» إن كل الأحزاب الموجودة في المعارضة مرشحة مبدئيا للدخول في مفاوضات مع «العدالة والتنمية»، وإن القرار الأخير سيكون للمجلس الوطني (برلمان الحزب)، الذي سيلتئم السبت المقبل في الرباط. ورغم الضجيج السياسي الحاصل، فإن روح «التريث والحكمة» توحد سائر الفرقاء. وثمة قناعة بأن ما يجري حاليا على الساحة المغربية ما هو إلا مظهر لدينامية سياسية وحراك اجتماعي، يبحثان عن مستقر لهما.