×
محافظة المنطقة الشرقية

تصحيح أوضاع 249 ألف برماوي خلال عامين.. وإدماجهم في المجتمع

صورة الخبر

صحيفة المرصد :في اللحظة الأولى التي دخلت فيها عالم الشريطية كنت أستشعر الغربة والخوف معًا، فأنا أخطو إلى منطقة يمكن وصفها بالملغومة، قوانينها ليست ككل القوانين، كل شيء فيها جائز مادام الحصاد ريالات تدخل الجيوب، كنت أريد أن أكتشف أسرار المركبات المعطوبة وكيف يبيعها الشريطي للزبون وهو يعرف مواقع العيب فيها ؟ وأرى بعيني سيناريوهات البيع المحبوكة والتي تصلح كل واحدة منها لتكون مادة سينمائية رائعة، دخلت إلى حراج المركبات بجوهرة جدة لـ3 أيام متتالية وخرجت منه محمّلا بحكايات مدهشة وغريبة، فبيع المعطوبة شطارة وخداع الزبون فن كما الاحتيال الذي نراه في أعرافنا عيبًا يأخذ في الحراج معنى آخر، ومع الدهشة التي اعترني داخل الحراج الملغوم بالقصص المثيرة يأتى استئجار المسنين للجلوس في المركبات قبل بيعها أكثر الحكايات إثارة للدهشة والغرابة والضحك، مفاجآت من النوع الصادم أزيل عنها النقاب -لأول مرة- أبطالها محترفون وضحاياها مغفلون. يقول محررصحيفة المدينة تقمصت دور الشريطى ودخلت لأنادي بأعلى صوتي سيارة للبيع ولكننى وجدت النظرات من الجميع تلاحقني، ربما لأن ملامحي غريبة أو لأن نبرات صوتي لا تنم عن احترافية وتمكّن، وكما توقعت جاءني من يسألنى، من أنت ومن أي مكان جئت؟ وبكل هدوء قلت أنا من الجنوب فإذ به يضحك ويطالبني بالابتعاد قائلا هذا المكان ممنوع على السعوديين فكل الدلالين هنا وافدون لا يغرنك التوب والشماغ فليس بيننا سعودي واحد، حاولت استمالة محدثي كي يتركنى أسترزق ولكنه لم يستجب وشدد عليّ بالابتعاد مؤكدًا أن الدلالة لها محترفوها وأنت لست منهم. تركت محدثي لأرى سيارة وقد تجمع حولها الشريطية يفاوضون صاحبها على السعر وكانت سيارة موديل 2010 اقتربت وسمعتهم يقولون له سعر جدًا زهيد وهو 23 ألف بنسبة لسيارة حديثة ولا يوجد عليها أي ضرر أو حادث قديم فيما صاحبها قد حدد لها سعر 33 ألف ريال فتتدخلت بينهم لأجرب حظي وقلت لصاحب السيارة 33 ألف ففرح، وقال: اركب وعندما ركبت السيارة قام أحد الشريطية بسحبي بقوه ودفعي للخارج قائلا: من أنت حتى تخالف سعرنا قلت: السيارة ما تستاهل 23 ألف لتبدأ المشاجرة بالأيدي حتى تدخل أولاد الحلال ليخلصوني من قبل أن يفتكوا بي. فيروس غريب استشعرت بأن وجودي في هذا المكان أشبه بالفيروس الغريب الذي قد يفتك بعافية الحراج فالكل يضايقني بالكلام بل يمنعني من الحديث ويضيق عليّ مساحة المفاهمة مع الزبائن حتى جاءني رجل مسن وحزن على حالى حتى استأنست له وطلبت منه أن يعلمني الدلالة فقال: هنا لكل شيخ طريقة ولابد أن تتصف بصفات معينة تجذب بها الزبون لعل أولها: مهارات النظر الثاقب لمعرفة شخصية الزبون وتبيان نقاط ضعفه عن طريق الجدال معه وطول النفس للوصول إلى الغاية المطلوبة ومعرفة تحديد السعر المستقاة من الخبرة ليس هذا فقط بل القدرة على إخفاء عيوب المركبة عن الزبون ومع كل ما ذكرت لابد أن تحلف وتقسم ولو كذبًا حتى تقنع الزبون بأن السيارة ليس فيها أي ضرر. دخلت منطقة البيع لأكتشف مصائب الغش والاحتيال، توجهت لأحد الشريطية قلت له أنا قادم من الجنوب ولدي سيارة مصدومة من الجهة الأمامية تحتاج لتلحيم حتى لا يكتشفها الزبون وأريد ورشة تقوم بذلك لأبيعها ولك عمولتك في ذلك وعرضت عليه 2000 ريال مقدمًا كما أعطيته رقمي ليتصل علىّ ولم أمكث دقائق إلا وهو يتصل عليّ قائلا: الرجل موافق 5000 ريال قلت له أريد أن أرى صاحب الورشة حتى نتفاهم في السعر لأنه عالٍ وبعد إصرار وافق وذهبت للتفاهم معه والصدمة بأن مكان الورشة في المنطقة الأمامية من معارض السيارات وقابلت الرجل الهدف من الجنسية اليمنية وقلت إني أريد التلحيم بـ3000 ريال فرفض فتراجعت وخرجت من الورشة فأتاني الشريطي يقنعني بالسعر وبعد محاولات سألته أنت تقوم بالتلحيم عند هذا الرجل؟ قال: كل السيارات التي أشتريها من التشليح أقوم بتلحيمها عند (ساير) صاحب الورشة. ورش التصليح لها نصيب الاسد في غش الناس حيث يقومون بالعمل الفني وتنفيذ ما يطلبه الشريطي كاملاً كما أن هناك شركات تعمل تأجير السيارات (الليموزينات) تلجأ لهذه الورش لتغير ملامح السيارة والدفع بها لسوق السيارات على أنها استخدام شخصي لبيعها بسعر غال، ومع كل ما ذكرت يبقى المدهش أن مهمة المحترفين لا تقف عند حد لحام المركبة بل تمتد إلى إخفاء الزيوت المتسربة من جوانب ماكينة السيارة وتلميع السيارة من الخارج وإخفاء العيوب والصدمات وتركيب قطع غيار مستخدمة غير مضمونة وإخفاء الأصوات التي تنتج من الاحتكاك، كل شىء يمكن تبديله داخل هذه الورش الاحترافية. تصفير العداد في المعارض أشخاص متخصصون في تصفير عدادات السيارات فمثلا تكون السيارة قد قطعت مئتي ألف كيلو متر يقومون بتغيير العداد إلى 20 ألف كيلو متر حتى يرفع سعرها، كما أن هناك عمالة وافدة يعملون بالورش يقومون بالفحص الدوري على السيارات بطرق ملتوية بعد اتفاقات وتبادل مصالح مع الشريطية بالسوق وكثير منهم يكون على اتفاق مع الشريطية بحيث يعطيه عمولة على كل زبون يأتي للفحص لديه ويخرج سيارته سليمة ولا يوجد بها أي ضرر حتى ولو كان فيها أعطال حتى يكمل عملية الاحتيال مع الشريطي مقابل مادي الغريب أن هؤلاء لا يملكون أجهزة عالية الدقة بل أشبه ما تكون بأجهزة بلاي ستيشن. أضحكنى في الحراج فصول المسرحية الهزلية التي يقوم بها الشريطية والتي تبدأ بأن يتفق الشريطي مع أحد العمال الأجانب بيومية 100 ريال لا يتعدى دوره سوى الجلوس داخل السيارة وأي شخص يسأله عن العربة يقول إنها لكفيله ولا يستطيع المشي والقدوم للمعرض وأنه قام بذلك بدلاً منه وفي الحقيقة تجد أن السيارة هي باسم الشريطي الذي استأجره فيما تتبدل مشاهد المسرحية باستئجار شخص يقوم بدور رجل كبير في السن ملتحي ويجلس داخل سيارة تكون بعادة للشباب ليقنع الزبون أن صاحبها رجل كبير في السن لا يقوم بالتفحيط و أنها سليمة وفي الأخير تجد أن كلها كذب في كذب. المخيف والغريب يتمثل في حالة التهاون في الأيمان المغلظة حيث وجدت أحد الزبائن وأحد الشريطية يتشاجرون مشاجرة حادة فذهبت حتى أفضالشجار بينهم حتى لا يحدث مالا تحمد عقباه وسألت الزبون ماذا حدث لك؟، قال: إن الذي كنت أتشاجر معه صديقي ويعمل شريطي بالمعارض اشتريت منه سيارة أعجبني شكلها ومظهرها وسالته عن الأضرار فقال: إنها (صيدة لا تفوتك)، وحلف لي الأيمان المغلظة بأن السيارة لا يوجد بها أي عطل وغير ذلك أن صاحبها باعها لأنه كان محتاج أن يسدد دين، وأقنعني بشرائها منه بسعر مرتفع عن السوق جدًا، حيث ثبت لي بعد تجولي في المعارض أنها أرخص من هذا السعر بفارق الـ10000 ريال، هذا بخلاف الأعطال التي وجدتها في السيارة من أن الرديتير مخروم و مراوح السيارة لا تعمل و يخرج منها دخان أبيض. في الحراج يوظفون أحد الاشخاص ممن لديه خبرة في استخدام الحاسب الآلى والانترنت حتى يستطيع ترويج السيارات التي لا تباع عبر مواقع الكترونية مثل موقع (حراج) حيث يقوم بتصوير السيارة وتحسين الصورة ببرنامج الفوتوشوب وضعها في المواقع الالكترونية باسماء مختلفة مثل أن تكون باسم أبو عبدالله أو يكون باسم أمراة وأيضا باسم شاب مراهق (حموودي) ولا يكتبونها باسم المعرض أو الشريطي ويخفون المصدر حتى يحصلون على ثقة الزبون بأن السيارة استخدام شخصى وليست معروضة من قبل شريطي، فإذا لم ينتبه الزبون لهذة اللعبة فقد يقع ضحية الخدعة التي يعملون بها. ليس هذا فقط بل فصول الحكايات المدهشة التي خرجت بها من رحلة الـ3 أيام بأن هناك ما يشبه عمليات غسيل أموال تجري داخل المعارض بتصريف سيارات مستوردة لا تصلح للاستخدام الآدمي بسبب تعرضها للأعاصير التي تضرب تلك البلدان، أو بسبب تعرضها لحوادث خطيرة أو بسبب غرقها، وتدخل للوطن عن طريق فئة من ضعاف النفوس الذين يستوردونها، ويقومون بإعادة تأهيلها وإصلاحها لتدخل عبر وسيط من أحد البلدان الخليجية لبيعها داخل السوق. الرقابة معدومة المدهش أن الرقابة معدومة في منطقة المعارض فالسرقات تحدث في وضح النهار ولا يستطيع أحد أن يحمي الزبائن أو أصحاب المعارض منهم فأثناء تجولي في شوارع سوق السيارات سمعت صوتًا عاليًا وتجمهر غريب للناس حول شخص يصيح ويصرخ (الحقوني سرقوها أمام عيني) وفي سؤالي عن مشكلته وجدت أن هنالك عصابة تترصد الزبائن وتنفذ خطة سرقة المركبات باحترافية عالية عندما تقف السيارة أمام المعرض ويخرج صاحبها للصاحب المعرض أو مسؤول المعرض فيأتي أحد أفراد العصابة لسرقتها، ما رصدته بعيني أكده أبو ريان -صاحب معرض- قائلاً: إنه قد سرق من أمام معرضه في يوم واحد 4 سيارات من نوع فورد.