يحق لكل مواطن على أرض هذه الديار الآمنة المستقرة أن يطمئن تمام الاطمئنان إلى قوة وعنفوان وشموخ اقتصاد بلاده ونمائه الملحوظ، وهو اطمئنان يرتبط بشكل عضوي بما أكده معالي وزير المالية، قبل أيام، خلال ترؤسه الوفد المشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، حول قدرة المملكة على مواجهة تقلبات أسعار النفط، وتأكيده تبعا لتلك المواجهة، أن اقتصاد المملكة يحقق أداء جيدا، وهو تأكيد يبرهن من جديد على أن اقتصاد المملكة في نمو متصاعد، مدعوم بالاستثمار العام والأداء الجيد للقطاع الخاص. ولا شك أن المملكة استنادا إلى صحة هذا النمو وسلامته، قادرة باستمرار على مواجهة مختلف التقلبات الحالية في أسعار النفط، على اعتبار أنه يمثل الدخل الرئيسي للمملكة وليس الدخل الوحيد؛ نظرا لتوجهات الدولة بتنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على النفط وحده. كما أن المملكة ما زالت تحقق أداء جيدا في قنواتها الاقتصادية بما يتوافر لديها من حيز مالي وانخفاض نسبة الدين العام من إجمالي الناتج المحلي. وإزاء ذلك، فإن الأوضاع الاقتصادية بالمملكة مستقرة -ولله الحمد- بفضله تعالى ثم بفضل السياسة الاقتصادية الحكيمة التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، فالمملكة وفقا لخطوات تلك السياسة الحكيمة ما زالت تعطي مساحة رحبة لبرامج الاستثمار في مجال البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وتعطيها أولوية خاصة في مجال توجهاتها التنموية المتصاعدة؛ تحقيقا لنمو اقتصادي مستدام قادر على توفير الفرص الوظيفية الهائلة لأبناء الوطن. وقد أكدت التصنيفات العالمية التي لا تخطئ في حساباتها، أن اقتصاد المملكة متين ومستقر، فالقطاع المصرفي لا يزال يحافظ على معدلات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال، كما أن الاصلاحات الإدارية التي انتهجتها الحكومة مؤخرا أدت بطريقة ملحوظة وملموسة لتعزيز تنظيم القطاع المالي، وقد أدى ذلك إلى دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، وتوفير التمويلات اللازمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وقد لعبت المملكة استنادا إلى قوة اقتصادها ونموه دورا فاعلا وهاما؛ للمساهمة المثمرة في نمو الاقتصاد العالمي، من خلال سلسلة من التوجهات في مجالات عديدة، على رأسها تنمية الاقتصاد المحلي، وقد أدى ذلك بالنتيجة إلى ظهور توقعات في مجال الاقتصاد العالمي تشير إلى علامات من التفاؤل بتحسنه ونموه، فقد اهتمت المملكة استنادا إلى تلك العلامات الواضحة بدعم الاقتصادات الناشئة والدول النامية؛ للحفاظ باستمرار على معدلات نمو عالمية مقبولة. وقد أشادت المملكة وهي تدعم تلك الاقتصادات بالأطوار الحيوية التي يبذلها البنك الدولي والبنوك متعددة الأطراف، من خلال المساهمة الفاعلة في تمويل الأهداف الإنمائية المستدامة. كما أشادت بأدوار التمويلات الإسلامية لتوفير الموارد اللازمة للبنوك المتعددة الأطراف، تحقيقا للأهداف الإنمائية المستدامة المنشودة. ويتضح بجلاء أن أدوات التمويل الإسلامي تحقق نموا متسارعا في سائر المعاملات المالية في الدول الإسلامية والمراكز العالمية، وقد حرصت المملكة دائما على تنفيذ إستراتيجيات النمو الشاملة في العديد من الدول النامية، مستهدفة تحقيق رفع معدلات النمو العالمي، ودفع عجلة الاستثمار في تلك الدول، وصولا إلى تحقيق النسب العليا لتلك المعدلات التنموية.