حظي قرار المملكة برفض شغل مقعد مجلس الأمن، بتأييد واسع من الخبراء السياسيين والدبلوماسيين، واعتبروه دافعًا قويًا لتبنّى رؤية واضحة تجاه قضايا السلم والأمن الدوليين، والعمل على إصلاح المؤسسات الدولية، وخاصة مجلس الأمن بإعادة النظر في نظامه الأساسي، وتوسيع قاعدة قبول العضوية وعدم اقتصار حق الفيتو على 5 دول فقط، وقالوا: إن قرار المملكة يعد بمثابة «فيتو» على المعايير المزدوجة، التي تدار بها المنظمات الدولية، وإن هذا القرار تاريخي وغير مسبوق وجريء جاء في الوقت المناسب، الذي تتوجع فيه العديد من الدول من الكيل بمكيالين، والتعامل بمنطق الصفقات التي تحقق مصالح دول معينة دون غيرها، مؤكدين أن القرار السعودي يعيد النظر في صياغة المجلس بما يحقق الأمن والاستقرار والحرية للشعوب. وقال الخبير الإستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور محمود أبوالقاسم: إن قرار المملكة برفض عضوية مجلس الأمن يرتبط في تقديري بالتحول الحادث في موقف الولايات المتحدة الأمريكية من بعض القضايا المهمة في إقليم الشرق الأوسط، وهذا التغيير ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة، وعلى الأمن القومى العربي في صورته الكلية، مضيفًا: إن هذا التحول مرتبط بالتقارب الأمريكى الإيراني، والذي يمثل خطورة على منظومة الأمن القومى لدول مجلس التعاون الخليجي، وربما يهدد استقرار المنطقة، وكذلك التحول في الموقف الأمريكى تجاه الأزمة السورية، والذي بدأ بالتركيز على السلاح الكيماوى السوري وقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لتحرك دولى لنزع السلاح الكيماوى السوري، ودون التحرك لإيجاد حل الأزمة السورية، مما جعل الموقف الأمريكى يتباعد عن الموقف العربي الذي تقوده المملكة، نحو إيجاد حل للأزمة السورية وإيجاد تغيير في النظام السوري، وبما يحقق أهداف الشعب السوري، وأخيرًا يعد في تقديري تعثر المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، دافعًا للمملكة في اتخاذ قرارها برفض العضوية، حيث ترى حكومة المملكة أن المجتمع الدولي لم يبذل الجهد الكافي لحل القضية الفلسطينية، وتم استخدام مجلس الأمن في تعطيل كل القرارات الساعية للحل». وأضاف أبوالقاسم أن «قرار المملكة يعدّ إلى حدّ كبير بمثابة «فيتو» على المعايير المزدوجة، التي تدار بها المنظمة الدولية بصفة عامة ومجلس الأمن بصفة خاصة، ولكن يبقى التغيير في المواقف الأمريكية تجاه بعض القضايا السابق الإشارة إليها، ويضاف إليها الضغوط الأمريكية على النظام المصري، الذي يحظى بدعم المملكة، محددًا رئيسًا في قرارها. من جهته، قال السفير محمود فرج مساعد وزير الخارجية المصري السابق: إن القرار يعيد للأمة العربية هيبتها أمام المجتمع الدولى، وعلى المجلس الانصياع إلى المطالب التي تنادى بإنهاء حالة الجمود الذي ينتهجه وأسلوب إدارته وعجزه بعن القيام بمسؤلياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، مشيدًا بالموقف السعودى، قائلًا «موقف تاريخي عهدناه على المملكة في تغليب مصالحها خدمة للقضايا الإقليمية والدولية». وحول دلالات القرار أكد السفير أن «رفض المملكة للمقعد يشير إلى الرؤية الثاقبة نحو إنهاء عملية اقتصار حق الاعتراض على خمس دول فقط، بأن تتوسع دائرة هذا الحق، كما أنها تتجه نحو دخول دول أصبحت عاجزة في الوصول إلى المطالبة بحقوقها، وهو ما يفجّر اتجاهات وأصوات داخل المجلس وخارجه ستطالب بصياغات جديدة لمجلس الأمن، وفي رأيي القرار السعودى يمثل رسالة تحذير احتجاجًًا على ما يحدث داخل المجلس من صفقات تنعكس سلبًا على الأزمات الإقليمية». وأوضح السفير فرج أن «موقف المملكة لم يكن مفاجئًا حيث الثابت في موقفها وخطابها السياسي عدم سكوتها على آلة القتل الممنهج منذ بدأ الأزمة السورية، والسكوت الدولي عما يحدث من مجازر، وكانت هناك مواقف واضحة للمملكة منها». بدوره، قال السفير عزمي خليفة المستشار بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية: إن «القرار صائب من الناحية القانونية ويصب في مصلحة إيجاد تغييرات جذرية لهذا المجلس»، مؤكدًا أحقية أى دولة في التنازل عن عضويتها في مجلس الأمن، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة إذا رأت أن هذه الخطوة تحقق مصالح عليا، وهو ما ينطبق تمامًا على قرار المملكة، مشيرًا إلى ضرورة إجراء إصلاح هيكلي لمجلس الأمن والأمم المتحدة لتحقيق التوازن في عمل المؤسسات الدولية، بما يخدم مصالح الشعوب ويجعلها قادرة على أداء الوظائف الأساسية التي تأسست من أجلها وهي حفظ الأمن والسلم الدوليين.