×
محافظة مكة المكرمة

ضبط أ كثر من 444 مخالفا لنظام الإقامة بجدة

صورة الخبر

وصلت الرسالة، وانجزت المهمة، العنوان العريض لاعلان دول التحالف أمس انتهاء عملية "عاصفة الحزم" وبدء عملية "إعادة الأمل" في اليمن، المهمة التي حققت اهدافها المرسومة في وقت قياسي، وأعادت ضبط المعادلات المختلة في الاقليم. 27 يوماً في الحسابات الاستراتيجية العسكرية، تعد مدة وجيزة، غير انها في موازين "العاصفة" كانت كفيلة باعادة كتابة تاريخ المنطقة، ووقف المشاريع المشبوهة، وقبل ذلك انقاذ اليمن من مآلات مخيفة، حملها له التمرد الحوثي وأجندته الخارجية الطارئة على يمن العروبة. رسائل "عاصفة الحزم" على الأرض واضحة ومعلنة، اذ أجهضت المشروع الحوثي/الايراني للهمينة على اليمن، وحمت المملكة ودول المنطقة من هذا المد الخطر، فضلاً عن تهيئة الظروف لاستقرار اليمن واستئناف العملية السياسية بعيدا عن املاءات السلاح، ومنطق الاستقواء والتهديدات الجوفاء، غير أن الرسائل غير المعلنة ل"عاصفة الحزم" ربما تجاوز في أهميتها النتائج الملموسة للعملية، اذ تتجاوز هذه الرسائل الوضع اليمني، الى خريطة الأمن الاقليمي، وموازين القوة في المنطقة، وكبح المشاريع الجامحة للهيمنة والانفراد ورهن المنطقة بكاملها لأحلام بائدة وطموحات تجاوزها التاريخ. ما بعد "عاصفة الحزم" ليس ما قبلها حتماً، الصبر والحكمة ليسا آيتي ضعف، والدبلوماسية الهادئة لا تعوزها القوة، ودعوات الحوار ورفض التدخل لا تعني أن دول المنطقة بلا أنياب، "العاصفة" أرست نهجاً جديداً اذن في التعامل مع التهديدات، مفاده أن للصبر حدوداً، وأن الهدوء أن لم يثمر تلحقه العاصفة، نهج يرتب أوراق المنطقة مجدداً وينتزع المبادرة من أطراف ظنت أن مشروعها شارف على الاكتمال وأن صنعاء ستكمل طوقها المشبوه على الخليج العربي، وأن الساعة حانت لتسنم قيادة الاقليم واستتباع دوله, عصفت العملية بكل المخططات، وأوقفت المد الايراني المندفع في المنطقة، وأرست توازن قوة سيكون له تبعاته العميقة على سائر ملفات المنطقة، وقضاياها المزمنة. "العاصفة" أيضاً شكلت منعطفاً تاريخياً بتأسيس نواة قوة اقليمية، قائمة على القدرات الذاتية، لحماية مصالح دولها، وحفظ الأمن في محيطها، بعيداً عن التدخل الدولي، وما قد يصحبه من اجندة وشروط تنافي مصالح المنطقة، هذه القوة التي كانت مدخلاً لانشاء قوة عربية مشتركة بقرار من القمة العربية ال 26 بشرم الشيخ، في خطوة تاريخية ستمنح الدول العربية درعاً حصيناً في مواجهة المخاطر والتحديات المحدقة، كما انها نقلة نوعية في العمل العربي المشترك نحو مزيد من التكامل والتضامن في مجالات اخرى. رسالة اخرى حملها النجاح الكبير ل"عاصفة الحزم"، اذ انهت العملية الخاطفة مرحلة الجمود الاستراتيجي في المنطقة، وصنعت سابقة يمكن البناء عليها لمقاربة المشاكل الاقليمية، في ظل توافق دولي وشرعية أممية، هذا النجاح الذي تحقق في عملية سريعة، وبأقل كلفة ممكنة، ووفر شروط الاستقرار والأمن لليمن، والحفاظ على وحدته، كما وفر مناخاً مواتياً لاستئناف الحوار والعملية السياسية، شكل انموذجاً فعالاً وخياراً مطروحاً على الطاولة في معالجة أزمات المنطقة، بعد ما كان الخيار العسكري مستبعداً في المقاربات الدولية المتعددة للمنطقة، وهو ليس بالضرورة خيار حرب مفتوحة، اذ اثبتت "عاصفة الحزم" أن عمليات مدروسة وخاطفة، يمكن ان تغير موازين القوى على الأرض، وتهيئ ظروف الحل السلمي او التسويات المفضية لانهاء الأزمات، وهو ما يقلب المعطيات الاستراتيجية في المنطقة رأساً على عقب، ويؤسس لسياسات جديدة، بوضع كل الخيارات على الطاولة، ما ينهي الجمود في ملفات المنطقة وأزماتها التي وصلت الى طرق مسدودة، واستنفذت كل المبادرات والمؤتمرات دون الوصول الى حل ينهي مأساة الشعوب، ويعيد الاستقرار للمنطقة العصية على الهدوء.