أُركّز دَائمًا عَلى كُتب السِّيرة الذاتيّة، لأنَّها ذَات دَفع رُبَاعي، فهي تُعطيك مُتْعَة، وتُعطيك سِيرةً، وتُعطيك لُغَةً، وتُعطيك مَعلوماتٍ.. ومِن هَذا المُنطلق بَدأتُ أُركِّز عَلى السِّيَر، خَاصّة بَعد أنْ قَرّرنا أنَا وصَديقي «علي العلياني»؛ أنْ نَستعرض كِتَابًا أسبُوعيًّا في فَقرة #مزاين_الكتب، التي تأتي ضمن برنامج #ياهلا_بالعرفج..! ومِن كُتب السِّيرَة التي استَوقفتني، واستَعرضتُها في البرنَامج كِتَاب: (عِشتُ سَعيدًا مِن الدرّاجة إلَى الطّائرة)، للرَّجُل الخَلوق المُتصَالح مَع ذَاته -عضو مَجلس الشّورى- «عبدالله السعدون»، وهو عِبَارة عَن سِيرة ذَاتيّة لطِفل سعُودي، خَرَج مِن «الغَاط» ليُصبح طيّارًا بَارزًا، وَصل إلَى رُتبة «لوَاء»، وعَبر السِّيرة يَنثر تَجاربه في الحيَاة، وآرَائه في السَّعَادة، ومَرئيّاته في الإدَارَة، وتَحليله لأَطوَار المُجتمع..! هُنَاك مَثَل صِيني يَقول: (لكي تُعمّر الأَرض عَليك القيَام بثَلاثة أمُور: أن تَزرع شَجرة، وأن تُكوِّن أُسرة، وأن تَكتبَ كِتَابًا). ثُمَّ يُعقّب المُؤلِّف «السعدون» عَلى هَذا المَثَل قَائلاً: (مِن السّهولة أن تُكوِّن أُسرة، وأن تَزرع شَجرة، ولَكن مِن الصَّعب أن تَكتب كِتَابًا فِيهِ صِدق الوَاقِع، وروح التَّجديد ومُقوّمات البَقَاء. الكِتَاب الجيّد بحَاجَة إلَى جُهدٍ مُضَاعَف، وبَحثٍ واستقصَاء، وقَبل هَذا كُلّه تَحديد مَاذا يُراد مِن الكِتَاب)..! أكثَر مِن ذَلك: كَشَف المُؤلِّف الخَلْطَة السّرية، والمَواد التي استَخدمها في صُنع الكِتَاب، حَيثُ قَال: (لأكتُب الكِتَاب استَمعتُ إلَى أصدَاء ذَاتي وبيئتي، ومَا مَرّ بي مِن أجوَاء مُتبَاينة، واستَعنتُ بعَشَرَات الكُتب والمَرَاجِع، التي تَتحدَّث عَن السّعادة، وفَنّ القيَادة والنَّجَاح، لَعلّني أَهتدي إلَى الأسبَاب الحقيقيّة للسّعادة والنَّجاح، وسَجّلتُ الكَثير في مسودّة الكِتَاب، وحَذفتُ بَعض الفَقَرَات الخَاصّة، وقلتُ: سأَنشرها في الفَضَاء الرَّحب)..! لَم تَتوقَّف رَوعة الكِتَاب عِند هَذا الحَدّ، بَل إنَّ الأديب الدّكتور «عبدالعزيز الخويطر» -رَحمه الله- عِندَما قَرَأ كِتَاب «السعدون» (عِشتُ سَعيدًا مِن الدرّاجة إلَى الطّائرة)، تَفَاعَل وانبثق مِن وَحي الكِتَاب، فكَتَبَ مَقالاً عَن الكِتَاب، ثُمَّ كَتَبَ مَقالاً ثَانيًا، ثُمَّ مَقالاً ثَالثًا، حتَّى تَكوّنت لَديه مَادة كِتَاب، فجَمَع المَقالات في كِتَاب يُخاطب فِيهِ «السعدون» بعنوَان: (هَنيئًا لَكَ السَّعَادة)..! وشَرَح «الخويطر» -رَحمه الله- فِكرة كِتَابه قَائلاً: (هَذا هو فَرع للكِتَاب الأَصل، والكِتَاب الأَصل هو كِتَاب: (عِشتُ سَعيدًا مِن الدرَّاجة إلَى الطَّائِرة)، للّواء طيّار المُتقاعد «عبدالله السعدون». جَاء هَذا الفَرع بَعد قِرَاءة مُتأنِّية لكِتَاب الأَصل، لهَذا لَا تَتم فَائدة قِرَاءة هَذا الفَرع إلَّا بقِرَاءة الأَصل. إنِّي مَا كَتبتُ الفَرع إلَّا بَعد أن قَرأتُ الأَصل ثَلاث مَرَّات. ومَا شَدّني مِنه مَا أَوجب كِتَابة الفَرع. إنَّ هَذا الفَرع مَا هو إلاَّ غُصن مِن دوحة وَارفة، يَحرص المُثقّف أنْ يَستظل بظلّها، ويَتمتّع بجَودة طَلعها)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنَّ الاقترَاب مِن السّعادة؛ يَتطلَّب قِرَاءة كُتب السُّعداء المُتفائلين، ولَا أَظن الرَّجُل الخَلوق «عبدالله السعدون» إلاَّ وَاحِدًا مِنهم..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com